للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرجلهن سرافيل (١) من أديم حمر. وكنّ يعانين الزّعارة، ويقفن مع الرّجال المشالقين في وقت لعبهم، وفيهن من تحمل الحديد معها.

وكان يباع بهذا السّوق في كلّ ليلة من الشّمع بمال جزيل، وقد خرب ولم يبق به إلاّ نحو الخمس حوانيت، بعد ما أدركتها تزيد على عشرين حانوتا، وذلك لقلّة ترف النّاس وتركهم استعمال الشّمع. وكان يعلّق بهذا السّوق الفوانيس في موسم الغطاس (٢)، فتصير رؤيته في اللّيل من أنزه الأشياء.

وكان به في شهر رمضان موسم عظيم، لكثرة ما يشترى ويكترى من الشّموع الموكبيّة التي تزن الواحدة منهن عشرة أرطال فما دونها، ومن المزهرات العجيبة الزّيّ المليحة الصّنعة، ومن الشّمع الذي يحمل على العجل ويبلغ وزن الواحدة منها القنطار وما فوقه، كلّ ذلك برسم ركوب الصّبيان لصلاة التّراويح، فيمرّ في ليالي شهر رمضان من ذلك ما يعجز البليغ عن حكاية وصفه، وقد تلاشى الحال في جميع ما قلنا لفقر النّاس وعجزهم.

سوق الدّجّاجين

هذا السّوق كان ممّا يلي سوق الشّمّاعين إلى سوق قبو الخرنشف. كان يباع فيه من الدّجاج والإوز شيء كثير جليل إلى الغاية، وفيه حانوت فيه العصافير التي يبتاعها ولدان النّاس ليعتقوها، فيباع منها في كلّ يوم عدد كثير جدّا، ويباع العصفور منها بفلس، ويخدع الصّبيّ بأنّه يسبح فمن أعتقه دخل الجنّة، ولكلّ واحد حينئذ رغبة في فعل الخير. وكان يوجد في كلّ وقت بهذه الحوانيت من الأقفاص التي بها هذه العصافير آلاف، ويباع بهذا السّوق عدّة أنواع من الطّير، وفي كلّ يوم جمعة يباع فيه بكرة أصناف القمارى والهزّارات والشّحارير والببّغاء والسّمّان (٣).

وكنّا نسمع أنّ من السّمّان ما يبلغ (a) ثمنه المئات من الدّراهم، وكذلك بقيّة طيور المسموع يبلغ (a) الواحد منها نحو الألف، لتنافس النّاس فيها وتوفّر عدد المعتنين بها، وكان يقال لهم غواة


(a) بولاق: مبلغ.
(١) جاء على هامش ص: «سرفول كلمة فارسية مركبة، تعني سر: رأس، وفول: رحل، ثم تلاعب النّاس به فقالوا: زربول». وانظر فيما تقدم ٢٤٣.
(٢) انظر فيما تقدم ٧١٧: ١ - ٧١٨.
(٣) فيما تقدم ٢٤٩: ٢.