للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا كانت سنة ستّ وثمان مائة، انحسر ماء النّيل عمّا تجاه جامع الخطيري، وصار رملة لا يعلوها الماء إلاّ في أيّام الزّيادة، وتكاثر الرّمل تحت شبابيك الجامع، وقربت من الأرض بعد ما كان الماء تحته لا يكاد يدرك قراره. وهو الآن عامر، إلاّ أنّ الاجتماعات التي كانت فيه قبل انحسار النّيل عمّا قبالته قلّت، واتّضع حال ما يجاوره من السّوق والدّور، وللّه عاقبة الأمور.

[جامع قيدان]

هذا الجامع خارج القاهرة، على جانب الخليج الشّرقي، ظاهر باب الفتوح ممّا يلي قناطر الإوزّ (a)) غربي الحسينيّة (a) تجاه أرض البعل (١). كان مسجدا قديم البناء، فجدّده الطّواشي بهاء الدّين قراقوش الأسدي في محرّم سنة سبع وتسعين وخمس مائة، وجدّد حوض السّبيل الذي فيه، ثم إنّ الأمير مظفّر الدّين قيدان الرّومي عمل به منبرا لإقامة الخطبة يوم الجمعة، كان/ عامرا بعمارة ما حوله.

فلمّا حدث الغلاء في سنة ستّ وسبعين وسبع مائة، أيّام الملك الأشرف شعبان بن حسين، خرب كثير من تلك النّواحي وبيعت أنقاضها، وكانت الغرقة أيضا، فصار ما بين القنطرة الجديدة المجاورة لسوق جامع الظّاهر، وبين قناطر الإوزّ المقابلة لأرض البعل، يبابا لا عامر له ولا ساكن فيه.

وخرب أيضا ما وراء ذلك من شرقيه إلى جامع نائب الكرك، وتعطّل هذا الجامع، ولم يبق منه غير جدر آيلة إلى العدم. ثم جدّده مقدّم بعض المماليك السّلطانية في حدود الثلاثين والثمان مائة، ثم وسّع فيه الشيخ أحمد بن محمد الأنصاري العقّاد - الشهير بالأزراري - ومات في ثاني عشر ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة (٢).


(a-a) إضافة من المسوّدة.
(١) جامع قيدان على الخليج المصري بالقرب من قناطر الإوز. أنشأ به الأمير خاير بك من حديد جوسقا مطلاّ على البركة التي هناك (بركة الشّيخ قمر) سنة ٨٨٥ هـ/ ١٤٨٠ م. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٢٨: ١٦؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١٧٦: ٣).
وقد اندثر الآن جامع قيدان، وحدّد محمد بك رمزي مكانه بشارع قنطرة غمرة عند تلاقيه بشارع سعيد بحيّ السّكاكيني. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠٣: ٩ هـ ١؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٢٠٠: ٥).
(٢) هذا التاريخ هو أحدث تاريخ ورد في الخطط، -