وكان من جملة مناظر الخلفاء الفاطميين منظرة تعرف بالدّكّة (١)، لها بستان عظيم بجوار المقس، فيما بينه وبين أراضي اللّوق، وما زالت باقية حتى زالت الدّولة، وحكر مكان البستان وصار خطّة تعرف إلى اليوم/ بخطّ الدّكّة، فخربت المنظرة وزال أثرها.
قال ابن عبد الظّاهر: الدّكّة بالمقس كانت [أولا] (a) بستانا، وكان الخليفة إذا ركب من كسر الخليج من السّكّرة بمظلّته يسير في البرّ الغربي، ومضارب النّاس والأمراء وخيمهم عن يمينه وشماله، إلى أن يصل إلى هذا البستان المعروف بالدّكّة، وقد علّقت أبوابه ودهاليزه، فيدخل إليه بمفرده، ويسقي منه الفرس الذي تحته - وهي قضيّة ذكر المؤرّخ للسّيرة المأمونية (٢) أنّهم كانوا يعتمدونها إلى آخر وقت، ولم يعلم سببها - ثم يخرج ويسير إلى أن يقف على التّرعة الآتي ذكرها (٣)، ويدخل من باب القنطرة، وينزل إلى القصر.
والدّكّة الآن آدرّ وحارات شهرتها تغني عن وصفها، فسبحان من لا يتغيّر (٤)!
وقال ابن الطّوير عن الظّاهر لإعزاز دين اللّه أبي هاشم عليّ بن الحاكم بأمر اللّه: كان بمنظرة يقال لها الدّكّة بساحل المقس - يعني أنّه مات بها.
[ذكر منظرة المقس]
وكان من جملة مناظرهم أيضا منظرة بجوار جامع المقس الذي تسمّيه العامّة اليوم جامع المقسي (٥)، وكانت هذه المنظرة بحري الجامع المذكور، وهي مطلّة على النّيل
(a) زيادة من ابن عبد الظاهر. (١) منظرة الدّكّة. يحدّد موضعها اليوم الموضع الذي يمر به شارع قنطرة الدكة عند تلاقيه بشارع عماد الدين قرب شارع رمسيس حيث كان يجري النيل قديما. (٢) أي جمال الدين أبو علي موسى بن المأمون مؤلّف «السيرة المأمونية» أو «أخبار مصر». (٣) حاشية بخط المؤلف: «هذه الترعة كان يقال لها بطن البقرة وقد ذكرت في ظواهر القاهرة فانظرها». (فيما يلي ١٦٣: ٢). (٤) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٢٥؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٠٧. (٥) كان جامع المقس الذي أصبح يعرف بعد ذلك بجامع أولاد عنان يقع في أول شارع الجمهورية من جهة ميدان