للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك مال جليل يحمل (a) إلى بيت المال شيئا بعد شيء، وكانت تسمّى مجالس الدّعوة «مجالس الحكمة» (١).

وفي سنة أربع مائة كتب سجلّ عن الحاكم بأمر اللّه فيه رفع الخمس والزّكاة والفطرة والنّجوى التي كانت تحمل، ويتقرّب بها، وتجرى على أيدي القضاة. وكتب سجلّ آخر بقطع مجالس الحكمة التي تقرأ على الأولياء يوم الخميس والجمعة (٢)، انتهى.

ووظيفة داعي الدّعاة كانت من مفردات الدّولة الفاطميّة. وقد لخّصت من أمر الدّعوة طرفا أحببت إيراده هنا (٣).

وصف الدّعوة وترتيبها

وكانت الدّعوة مرتّبة على منازل، دعوة بعد دعوة.

الدّعوة الأولى -

سؤال الدّاعي لمن يدعوه إلى مذهبه عن المشكلات، وتأويل الآيات، ومعاني الأمور الشّرعيّة، وشيء من الطّبيعيات ومن الأمور الغامضة، فإن كان المدعو عارفا (b) سلّم له الدّاعي، وإلاّ تركه يعمل فكره فيما ألقاه عليه من الأسئلة، وقال له: يا هذا إنّ الدين لمكتوم، وإن الأكثر له منكرون وبه جاهلون، ولو علمت هذه الأمّة ما خصّ اللّه به الأئمة من العلم لم تختلف؛ فيتشوّق (c) حينئذ المدعو إلى معرفة ما عند الدّاعي من العلم، فإذا علم منه الإقبال، أخذ في ذكر معاني القرآن (d) وشرائع الدّين (e) وتنزيل الآيات (e)، وتقرير أنّ الآفة التي نزلت بالأمّة وشتّتت الكلمة؛ وأورثت الأهواء المضلّة، ذهاب الناس عن أئمّة نصبوا لهم، وأقيموا حافظين لشرائعهم يؤدّونها على حقيقتها (f)، ويحفظون معانيها ويعرفون بواطنها.


(a) بولاق: يدفع.
(b) المسودة: فإن اتفق له مجيب عارف جدل.
(c) المسودة: فيتطلع.
(d) بولاق: القراءات.
(e) (e-e) زيادة من المسودة.
(f) المسودة: حقائقها.
(١) المسبحي: نصوص ضائعة ٣٩.
(٢) نفسه ٣٩؛ المقريزي: اتعاظ ٨٢: ٢.
(٣) لم يشر المقريزي في هذا الفصل إلى المصدر الذي نقل عنه هذه المعلومات، واكتفى بالإشارة في نهايته إلى أنه اختصره من مؤلّفات الإسماعيلية التي لم يحدد عناوينها. ونقل هذا الفصل إلى الفرنسية قبل نحو مائتي عام سلفستردي ساسي في كتابه عن دين الدروز، ثم أعاد نقله إلى الفرنسية كذلك بول كازانوفا مع تعليقات غنية ونشره سنة ١٩٢١ في مجلة المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة Casanova، P.، «La doctrine secrete des Fatimides d'Egypte»، BIFAO XVIII (١٩٢١)، pp. ١٢١ - ٦٥، وانظر أيضا المقريزي: مسودة المواعظ ٩٥ - ١١١.