فسألت الرّجل حينئذ عنه فقال لي: إنّهم لمّا انتهوا في الهدم إلى حيث كان هذا الشّخص إذا بدائرة فيها كتابة وبوسطها شخص قصير، صغير إحدى العينين من حجارة؛ وهذه كانت صفة جمال الدّين، فإنّه كان قصير القامة إحدى عينيه أصغر من الأخرى. ويشبه - واللّه أعلم - أن يكون قد عيّن في تلك الكتابة التي كانت حول الشّخص أنّ هذا الباب يهدمه من هذه صفته، كما وجد في باب البحر اسم بيبرس الذي هدم على يديه وبأمره.
وقد ظفر جمال الدّين هذا بأموال عظيمة وجدها في داخل هذا القصر، لمّا أنشأ داره الأولى في الحدرة من داخل هذا الباب في سنة ستّ وتسعين وسبع مائة. وكان لكثرة هذا المال لا يستطيع كتمانه؛ ومن شدّة خوفه يومئذ من الظّاهر برقوق أن يظهر عليه لا يقدر أن يصرّح به.
فكان يقول لأصحابه وخواصّه: وجدت في هذا المكان سبعين قفّة من حديد. أخبرني اثنان رئيسان من أعيان الدّولة عنه أنّه قال لهما هذا القول.
وكنت إذ ذاك، أيام عمارته لهذه القاعة، أتردّد لشيخنا سراج الدّين عمر بن الملقّن (a) بالمدرسة السّابقيّة - وبها كان يسكن - فتعرّفت بجمال الدّين منه. وكان يومئذ من عرض الجند، ويعرف بأستادّار بجاس (b)، فاشتهر هناك أنّه وجد - حال هدمه وعمارته القاعة والرّواق بالحدرة - مكانا مبنيّا تحت الأرض مبيّض الحيطان فيه مال، فما كان عندي شكّ أنّه من أموال خبايا الفاطميين، فإنّه قد ذكر غير واحد من الإخباريين أنّ السّلطان صلاح الدّين، لمّا استولى على القصر بعد موت العاضد، لم يظفر بشيء من الخبايا، وعاقب جماعة فلم يوقفوه على أمرها.
باب الزّمرّد
سمّي بذلك لأنّه كان يتوصّل منه إلى قصر الزّمرّد. وموضعه الآن المدرسة الحجازية بخطّ رحبة باب العيد (١).
(a) بعد ذلك في بولاق: رحمه اللّه تعالى. (b) بولاق: نحاس. (١) كان باب الزّمرّد يفتح في الجانب الشرقي لرحبة باب العيد حيث تقع الآن المدرسة الحجازية (فيما يلي ٣٨٢: ٢) ويتوصّل منه إلى قصر الزّمرّد Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.،) (p. ٢٦٠.