للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتشبّه بالرّجال في لبس ذلك النّساء (a) لمعنيين: أحدهما: أنّه فشا في أهل الدّولة محبّة الذّكران، فقصد نساؤهم التّشبّه بالذّكران ليستملن قلوب رجالهنّ، فاقتدى بفعلهن في ذلك عامّة نساء البلد. وثانيهما: ما حدث بالنّاس من الفقر، ونزل بهم من الفاقة، فاضطرّ حال نساء أهل مصر إلى ترك ما أدركنا فيه النّساء من لبس الذّهب والفضّة والجواهر ولبس الحرير، حتى لبسن هذه الطّواقي، وبالغن في عملها من الذّهب والحرير وغيره، وتواصين على لبسها.

ومن تأمّل أحوال الوجود، عرف كيف تنشأ أمور النّاس في عاداتهم وأخلاقهم ومذاهبهم.

سوق الخلعيّين

هذا السّوق فيما بين قيساريّة الفاضل، الآتي ذكرها إن شاء اللّه، وبين باب زويلة الكبير.

وكان يعرف قديما بالخشّابين، وعرف إلى (b) اليوم بالزّقيق - تصغير زقاق - وعرف أيضا بسوق الخلعيين، كأنّه جمع خلعي. والخلعيّ في زمننا هو الذي يتعاطى بيع الثّياب الخليع، وهي التي قد لبست.

وهذا السّوق اليوم من أعمر أسواق القاهرة لكثرة ما يباع فيه من ملابس أهل الدّولة وغيرهم، وأكثر ما يباع فيه الثّياب المخيطة، وهو معمور الجوانب بالحوانيت، ويسلك فيه من القصبة ليلا ونهارا إلى حارة الباطليّة وخوخة أيدغمش وغير ذلك (c). وفي داخل القاهرة أيضا عدّة أسواق، وقد خرب الآن أكثرها.

سويقة الصّاحب

هذه السّويقة يسلك إليها من خطّ البندقانيّين ومن باب الخوخة وغير ذلك، وهي من الأسواق القديمة. كانت في الدّولة الفاطميّة تعرف بسويقة الوزير - يعني أبا الفرج يعقوب بن كلّس، وزير الخليفة العزيز باللّه نزار بن المعزّ، الذي تنسب إليه حارة الوزيريّة - فإنّها كانت على باب داره التي


(a) بولاق: ويشبّه الرجال في لبس ذلك بالنساء.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) هنا في هامش آياصوفيا: بياض نصف سطر. من فراء كلب البحر. (ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٦٩ هـ ٢).