للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كان له دار في الخراب أو مكان يعمره، ومن عجز عن عمارته يبيعه أو يؤجّره من غير نقل شيء من أنقاضه، ومن تأخّر بعد ذلك فلا حقّ له ولا حكر يلزمه. وأباح تعمير جميع ذلك بغير طلب حقّ. فعمّر النّاس ما كان منه ممّا يلي القاهرة، من حيث مشهد السّيّدة نفيسة إلى ظاهر باب زويلة، ونقلت أنقاض العسكر، فصار الفضاء الذي يتوصّل إليه من مشهد السّيّدة نفيسة ومن الجامع الطّولوني ومن قنطرة السّدّ، ويسلك فيه إلى حيث كوم الجارح. والعامر الآن من العسكر جبل يشكر الذي فيه جامع ابن طولون، وما حوله إلى قناطر السّباع (١)، كما ستقف عليه إن شاء اللّه تعالى.

[جامع ابن طولون]

[أثر رقم ٢٢٠] هذا الجامع على جبل يقال له جبل يشكر فيما بين القاهرة ومصر (a)، قال ابن عبد الظّاهر: وهو مكان مشهور بإجابة الدّعاء، وقيل إنّ موسى ناجى ربّه عليه بكلمات (٢).

وابتدأ في بناء هذا الجامع الأمير أبو العبّاس أحمد بن طولون، بعد بناء القطائع، في سنة ثلاث وستين ومائتين (٣). قال جامع «السّيرة الطّولونية»: كان أحمد بن طولون يصلّي الجمعة في المسجد


(a) العبارة في الأصول: هذا الجامع موضعه يعرف بجبل يشكر، والمثبت من مسوّدة الخطط.
(١) انظر فيما تقدم ٥٨: ٢؛ ٥٧: ٣ - ٥٨، ٣٣٣.
(٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٨١؛ وفيما تقدم ٣٣٩: ١.
(٣) ما زال جامع أحمد بن طولون قائما إلى اليوم بمنطقة الصّليبة جنوب القاهرة (بين ميدان الرّميلة شمالا وميدان السيدة زينب جنوبا)، وهو الأثر الوحيد الباقي من مدينة القطائع الطّولونية. وتبلغ مساحة الجامع ١٧٢٤٤ مترا مربّعا، وتحيط به من خارجه - ما عدا جهة القبلة - ثلاثة أروقة خارجية مكشوفة على شكل طريق حول الجامع، تعرف ب «الزّيادات»، مجموع مساحتها ٩٠٣٧ مترا مربعا. فتكون المساحة الإجمالية للجامع والزّيادات الخارجية ٢٦٢٨١ مترا مربعا تعادل ستة أفدنة وربع فدّان. ويعدّ هو وجامع الحاكم بأمر اللّه الواقع عند باب الفتوح، وجامع الظّاهر بيبرس الواقع في ميدان الظّاهر خارج سور القاهرة الشّمالي، أكبر مساجد الصّلاة في مصر مساحة (فيما يلي ١٠٧ - ١٠٨، ١٨٨ - ١٨٩).
ونظرا لكبر مساحة الجامع وتعذّر الصّرف عليه لم يكن من بين المساجد المأهولة في العصر الفاطمي، ونزل به في عهد السّلطان النّاصر صلاح الدّين يوسف بن أيّوب طائفة من المغاربة الوافدين على مصر وأقاموا فيه أكثر من مائة سنة، ثم جعل شونة للغلال في زمن الملك الظّاهر بيبرس، إلى أن عمّره وجدّده السّلطان حسام الدّين لاجين سنة ٦٩٦ هـ/ ١٩٩٦ م وأقام فيه الشّعائر الدّينية، ثم عاد إلى الخراب، إلى أن جعل مصنعا لعمل الأحرمة الصّوفية في العصر العثماني. وفي سنة ١٢٦٣ هـ/ ١٨٤٦ م تحوّل -