للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت الإسكندرية، واسمها رقودة، فجعلوا لها خمس عشرة كورة، وجعلوا فيها كبار الكهنة، ونصبوا في هياكلها من أصنام الذّهب أكثر ممّا في غيرها، وكان فيها مائتا صنم من ذهب. وقسّموا الصّعيد على ثمانين كورة، وجعلوه أربعة أقسام، وكان عدد مدن مصر، الدّاخلة في كورها، ثلاثين مدينة فيها جميع العجائب (١).

وقيل إنّ حمير الأكبر، واسمه العرنجج بن سبأ الأكبر - واسمه عامر، ويعرف بعبد شمس ابن يشجب بن يعرب بن قحطان - لمّا ملك بعد أبيه جمع جيوشه، وسار يطأ الأمم، ويدوس الممالك كما فعل أبوه، فأمعن في المشرق حتى أبعد يأجوج ومأجوج إلى مطلع الشّمس، ثم قفل نحو المغرب؛ فجاءه قبائل من أهل اليمن، من بني هود بن عامر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، يشكون من ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وما نزل بهم من ظلمهم.

فأمر برفعهم من أرض اليمن، وأنزلهم أيلة، فعمّروها من أيلة إلى ذات الآصال إلى أطراف جبل نجد؛ فقطعت ثمود هناك الصّخور، ونحتوا من الجبال البيوت، وتكبّروا وطغوا؛ فبعث اللّه فيهم صالحا نبيّا ورسولا، فكذّبوه وسألوه أن يخرج لهم ناقة من صخرة، فأخرجها لهم، فعقروها، فأهلكهم اللّه بالصّيحة، ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ﴾ [الأيتان ٦٧، ٩٤ سورة هود].

وقد ذكر أنّ موسى سار ببني إسرائيل، بعد موت أخيه هارون، إلى أرض أولاد العيص - وهي التي تعرف بجبال السّراة - جنب بلد الشّوبك. ثم مرّ فيها إلى أيلة، وتوجّه بعد أيام إلى تربة باب، حيث بلاد الكرك حتى حارب تلك الأمم.

وكان إلى جانب أيلة مدينة، يقال لها عصيون، جليلة عظيمة.

[مريوط]

كورة من كور الإسكندرية، كانت لشدّة بياضها لا يكاد يبين فيها دخول اللّيل إلاّ بعد وقت، وكان الناس يمشون فيها وفي أيديهم خرق سود خوفا على أبصارهم، ومن شدّة بياضها لبس الرّهبان السّواد (٢).


(١) المسعودي: أخبار الزمان ٦٧ - ٦٨؛ وفيما تقدم ٣٤٩، ٣٩٣.
(٢) فيما تقدم ٣٩٨، ٤٠٣.