في الطّرقات إلى جامع ابن طولون، فيدخل القاضي إليه للصّلاة فيجد والي مصر عنده للقاء القوم وخدمتهم، فيدخل المشاهد التي في طريقه أيضا. فإذا وصل إلى باب مصر ترتّب كما ترتّب في القاهرة، وصار شاقّا الشّارع الأعظم إلى باب الجامع من الزّيادة التي يحكم فيها، فيوقد له التّنّور الفضّة الذي كان معلّقا فيه، وكان مليحا في شكله وتعليقه غير منافر في الطّول والعرض، واسع التّدوير، فيه عشر مناطق في كلّ منطقة مائة وعشرون بزاقة، وفيه سروات بارزة مثل النّخيل، في كلّ واحدة عدّة بزاقات، تقرب عدّة ذلك من ثلاث مائة، ومعلّق بدائر سفله مائة قنديل نجومية.
ويخرج من الجامع (a) فإن كان ساكنا بمصر استقرّ بها، وإن كان ساكنا بالقاهرة وقف له والي القاهرة بجامع ابن طولون، فيودّعه والي مصر، ويسير معه والي القاهرة إلى داره.
فإذا مضى من رجب أربعة عشر يوما، ركب ليلة الخامس عشر كذلك، وفيه زيادة طلوعه - بعد صلاته بجامع مصر - إلى القرافة ليصلّي في جامعها، والنّاس يجتمعون له لينظروه ومن معه في كلّ مكان، ولا يملّون من ذلك.
فإذا انقضت هذه الليلة، استدعي منه الشّمع ليكمل نقصه (b)، حتى يركب به في أوّل شعبان ونصفه على الهيئة المذكورة، والأسواق معمورة بالحلواء، ويتفرّغ النّاس لذلك هذه الأربع اللّيالي (١).
منظرة اللّؤلؤة
وكان للخلفاء الفاطميين منظرة - تعرف بقصر اللّؤلؤة، وبمنظرة اللّؤلؤة - على الخليج بالقرب من باب القنطرة. وكان قصرا من أحسن القصور وأعظمها زخرفة، وهو أحد متنزّهات الدّنيا المذكورة، فإنّه كان يشرف من شرقيه على البستان الكافوري، ويطلّ من غربيه على الخليج (٢).
وكان غربيّ الخليج إذ ذاك ليس فيه من المباني شيء، وإنّما كان فيه بساتين عظيمة وبركة تعرف
(a) بولاق: ويخرج له الحاكم. (b) بولاق: بعضه. (١) ابن الطوير: نزهة ٢٢٠ - ٢٢٣. حاشية بخط المؤلّف: «قال ابن كثير: أبطل الوقيد بجامع دمشق في ليلة النصف من شعبان - يعني سنة إحدى وخمسين وسبع مائة - بمرسوم السّلطان، وكنت رأيت فتيا عليها خط (؟) وجمال الدين الزّملكاني بإبطال هذه البدعة وقد كانت قد استمرت بين أظهر الناس من نحو سنة خمسين وأربع مائة وإلى زمننا هذا». (٢) يدل على موضع منظرة اللؤلؤة اليوم مدرسة الفرير بالخرنفش المطلة على شارع بورسعيد بالقرب من ميدان باب الشعرية. (انظر أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٦: ٤، ٢٥٤ - ٢٥٥).