البحر (١)، ويمرّ النّاس من فوقها إلى بولاق وغيره، وهي ممّا أنشأه الملك النّاصر محمد بن قلاوون عند انتهاء حفر الخليج النّاصريّ في سنة خمس وعشرين وسبع مائة.
وقد كان موضعها في القديم غامرا بالماء عندما كان جامع المقس مطلاّ على النّيل، فلمّا انحسر الماء عن برّ القاهرة، صار ما قدّام باب البحر رملة. فإذا وقف الإنسان عند باب البحر رأى البرّ الغربي لا يحول بينه وبين رؤيته بنيان ولا غيره، فإذا كان أوان زيادة ماء النّيل صار الماء إلى باب البحر، وربّما قلفط في بعض السنين خوفا من غرق المقس.
ثم لمّا طال المدى غرق خارج باب البحر بأرض باطن اللّوق، وغرس فيه الأشجار، فصار بساتين ومزارع، وبقي موضع هذه القنطرة جرفا، ورمى النّاس عليه التّراب فصار كوما يشنق عليه أرباب الجرائم، ثم نقل ما هنالك من التّراب، وأنشئت هذه القنطرة، ونودي في النّاس بالعمارة. فأوّل ما بني في غربي هذه القنطرة مسجد المهاميزي وبستانه، ثم تتابع النّاس في العمارة حتى انتظم ما بين شاطئ النّيل ببولاق وباب البحر عرضا، وما بين منشأة المهراني ومنية السّيرج طولا، وصار ما بجانبي الخليج معمورا بالدّور، ومن ورائها البساتين والأسواق والحمّامات والمساجد، وتقسّمت الطّرق، وتعدّدت الشّوارع، وصار خارج القاهرة من الجهة الغربية عدّة مدائن.
[قنطرة الحاحب]
هذه القنطرة على الخليج النّاصريّ، يتوصّل إليها من أرض الطّبّالة، ويسير النّاس عليها إلى منية السّيرج وغيرها (٢). أنشأها الأمير سيف الدّين بكتمر الحاجب في سنة ستّ وعشرين وسبع
= المدبولي (شارع الجلاء الآن) من جهة ميدان رمسيس حيث كان الخليج النّاصري يمرّ في تلك الجهة. ولمّا أنشئت التّرعة الإسماعيلية كان فمها يأخذ من النيل بحري المنطقة التي يقع عليها الآن فندق النيل هيلتون، وكانت تمرّ محاذية لشارع رمسيس. وبعد أن تخترق ميدان رمسيس تسير شمالا إلى الأميرية. وقد أقيم على هذه الترعة كويري للمرور، بين موضع ميدان رمسيس وموضع ميدان محطة مصر، عرف بكوبري اللّيمون لقربه من قنطرة اللّيمون المذكورة، وقد اندثر هذا الكوبري مع ردم التّرعة الإسماعيلية ونقل فمها إلى جوار منطقة شبرا الخيمة، وإلى هذا الكوبري كانت تنسب محطة كوبري الليمون التي كانت بميدان رمسيس وحلّ محلها الآن مبنى هيئة مترو الأنفاق. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٨٢: ٩ - ١٨٣ هـ ٥ ثانيا). (١) انظر عن باب البحر، فيما تقدم ٣١٥ هـ ٣. (٢) قنطرة الحاجب: هي نفسها القنطرة المذكورة على الخريطة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ باسم قنطرة البكريّة [A-٨، ٤٢٤] نسبة إلى جامع السّادة -