فتحدّث فيه قاضي القضاة الشّافعيّ، إلى أن فوّض الملك الظّاهر برقوق نظره إلى الأمير قطلوبغا الصّفوي (١) في العشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة. وكان الأمير منطاش في (a) مدّة تحكّمه في الدّولة فوّضه إلى المذكور في أواخر شوّال سنة إحدى وتسعين وسبع مائة. ثم عاد نظره إلى القضاة بعد الصّفوي، وهو بأيديهم إلى اليوم.
وفي سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة، جدّد الرّواق البحري الملاصق للمئذنة الحاج عبيد ابن محمد بن عبد الهادي الهويدي البازدار مقدّم الدّولة، وجدّد ميضأة بجانب الميضأة القديمة (٢). وكان عبيد هذا بازدارا، ثم ترقّى حتى صار مقدّم الدّولة في شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة، ثم ترك زيّ المقدّمين وتزيّا بزيّ الأمراء، وحاز نعمة جليلة وسعادة طائلة، حتى مات يوم السبت رابع عشر صفر سنة ثلاث وتسعين وسبع مائة (٣).
[ذكر دار الإمارة]
وكان بجوار الجامع الطّولوني دار (٤) أنشأها الأمير أحمد ابن طولون عند ما بنى الجامع، وجعلها في الجهة القبليّة، ولها باب من جدار الجامع يخرج منه إلى المقصورة بجوار المحراب والمنبر، وجعل في هذه الدّار جميع ما يحتاج إليه من الفرش والسّتور والآلات. فكان ينزل بها إذا راح إلى صلاة الجمعة، فإنّها كانت تجاه القصر والميدان، فيجلس فيها ويجدّد وضوءه ويغيّر ثيابه، وكان يقال لها:«دار الإمارة». وموضعها الآن سوق الجامع، حيث البزّازين وغيرهم. ولم تزل هذه الدّار باقية إلى أن قدم الإمام المعزّ لدين اللّه أبو تميم معدّ من بلاد المغرب، فكان يستخرج فيها أموال الخراج.
(a) في: ساقطة من بولاق. (١) الأمير قطلوبغا الصّفوي، قدم إلى مصر في رمضان سنة ٧٩١ هـ/ ١٣٨٩ م، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف سنة ٧٩٢ هـ/ ١٣٩٠ م، ثم استقرّ حاجب الحجّاب سنة ٧٩٣ هـ. وولي ولاية قليوب في العام نفسه، وتوفي في أوّل ربيع الآخر سنة ٧٩٤ هـ/ ١٣٩٢ م. (المقريزي: السلوك ٧١٢: ٣). (٢) المقريزي: مسوّدة الخطط ٧٦ ظ، وكتب بخطه على الهامش: «يذكر خبر الأذان بمصر». (٣) راجع أخبار عبيد البازدار عند المقريزي: السلوك ٧١٢: ٣، ٧٥٧. (٤) انظر عن دار الإمارة الطّولونية، أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١٥: ٣ - ١٦؛ Salmon، G.، Etudes sur la topographie du Caire، pp. ٢٨ - ٣٤; Fu'ad Sayyid A.، op.cit.، pp. ٥٤ - ٥٥.