للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمراء الدّولة من الصّالحية والمنصورية، وأعجل في إظهار التّهجّم لهم، والإعلان بما يريده من القبض عليهم وإقامة أمراء غيرهم. فتوحّشت القلوب منه، وتمالأت على بغضه، ومشى القوم بعضهم إلى بعض، وكاتبوا إخوانهم من أهل البلاد الشّامية حتى تمّ لهم ما يريدون. فواعد جماعة منهم إخوانهم على قتل السّلطان لاجين ونائبه منكوتمر، فما هو إلاّ أن صلّى السّلطان العشاء الآخرة من ليلة الجمعة العاشر من شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وتسعين وستّ مائة، وإذا بالأمير كرجي - وكان ممّن هو قائم/ بين يده - تقدّم ليصلح الشّمعة، فضربه بسيف قد أخفاه معه أطار به زنده، وانقضّ عليه البقيّة ممّن واعدوهم بالسّيوف والخناجر، فقطّعوه قطعا وهو يقول: اللّه اللّه.

وخرجوا من فورهم إلى باب القلّة من قلعة الجبل، فإذا بالأمير طغج قد جلس في انتظارهم ومعه عدّة من الأمراء - وكانوا إذ ذاك يبيتون بالقلعة دائما - فأمروا بإحضار منكوتمر من دار النّيابة بالقلعة، وقتلوه بعد مضيّ نصف ساعة من قتل أستاذه الملك المنصور حسام الدّين لاجين المنصوري، ، فلقد كان مشكور السّيرة (١).

وفي سنة سبع وستين وسبع مائة جدّد الأمير يلبغا العمري الخاصّكي درسا بجامع ابن طولون فيه سبعة مدرّسين للحنفيّة، وقرّر لكلّ فقيه من الطّلبة في الشهر أربعين درهما وأردبّ قمح.

فانتقل جماعة من الشّافعيّة إلى مذهب الحنفيّة.

وأوّل من ولي نظره بعد تجديده الأمير علم الدّين سنجر الجاولي، وهو إذ ذاك دوادار السّلطان الملك المنصور لاجين. ثم ولي نظره قاضي القضاة بدر الدّين محمد بن جماعة، ثم من بعده الأمير مجليس في الأيّام النّاصرية (b) محمد بن قلاوون، فجدّد في أوقافه طاحونا وفرنا وحوانيت، فلمّا مات وليه قاضي القضاة عزّ الدّين بن جماعة، ثم ولاّه النّاصر للقاضي كريم الدّين الكبير، فجدّد فيه مئذنتين؛ فلمّا نكبه السّلطان عاد نظره إلى قاضي القضاة الشّافعي. وما برح إلى أيّام النّاصر حسن بن محمد بن قلاوون، فولاّه للأمير صرغتمش، وتوفّر في مدّة نظره من مال الوقف مائة ألف درهم فضّة، وقبض عليه وهي حاصلة. فباشره قاضي القضاة إلى أيّام الأشرف شعبان ابن حسين، ففوّض نظره إلى الأمير ألجاي اليوسفي إلى أن غرق.

a بولاق: مكين.


(b) بولاق: أيام الناصر.
(١) المقريزي: مسوّدة الخطط ٧٦ و.