للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليها. قال: ولم يبق بمصر ملك إلاّ وقد عمل للرّمال طلّسما لدفعها، ففسدت طلّسماتها لقدم الزّمان (١).

وذكر ابن يونس: عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، أنّه قال: إنّي لأعلم السّنة التي تخرجون فيها من مصر؛ قال ابن سالم، فقلت له: ما يخرجنا منها يا أبا محمد، أعدوّ؟ قال: لا، ولكنكم يخرجكم منها نيلكم هذا، يغور فلا تبقى منه قطرة حتى تكون فيه الكثبان من الرّمل، وتأكل سباع الأرض حيتانه (٢).

وقال اللّيث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير قال: إنّ الصّحابي حدّثه أنّه سمع كعبا يقول: ستعرك العراق عرك الأديم، وتفتّ مصر فتّ البعر. قال اللّيث، وحدّثني رجل عن وهب المعافري أنّه قال: وتشقّ الشّام شقّ الشّعرة.

وسأذكر من خبر هذه الجزائر المشهورة ما وصلت إليّ معرفته إن شاء اللّه.

ذكر الرّوضة

اعلم أنّ الرّوضة تطلق في زماننا هذا على الجزيرة التي بين مدينة مصر ومدينة الجيزة. وعرفت في أوّل الإسلام/ بالجزيرة وبجزيرة مصر، ثم قيل لها جزيرة الحصن، وعرفت إلى اليوم بالرّوضة (٣). وإلى هذه الجزيرة انتقل المقوقس لمّا فتح اللّه تعالى على المسلمين القصر وصار بها هو ومن معه من جموع الرّوم والقبط.


(١) النويري: نهاية الأرب ٨٩: ١٥، وفيما تقدم ٦٣٥: ١.
(٢) ابن يونس: تاريخ ابن يونس المصري (تاريخ المصريين) ٢٧٨.
(٣) ما تزال جزيرة الرّوضة قائمة في وسط النيل بين مصر القديمة والجيزة، وفي القسم الشمالي منها - المعروف بالمنيل - فندق المريديان Le Meridienne، وفي جزئها الأوسط كلية الطب جامعة القاهرة (القصر العيني) وفي مواجهتها قصر الأمير محمد علي توفيق، وفي طرفها الجنوبي قصر المانسترلي ومقياس الرّوضة.
واهتم المؤلّفون القدماء بالتأريخ لجزيرة الرّوضة ومن أقدمهم أبو عمرو عثمان بن إبراهيم النّابلسي، المتوفى سنة ٦٦٠ هـ/ ١٢٦١ م، في كتابه: «حسن السّريرة في اتّخاذ الحصن بالجزيرة» وهو كتاب مفقود؛ وعليّ بن سعيد المغربي في كتابه «المغرب في حلى المغرب» في القسم الذي سمّاه «النّفحة الحاجرية في حلى الجزيرة الصّالحية»، وهو قسم ضائع من كتابه؛ وجلال الدّين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السّيوطي، المتوفى سنة ٩١١ هـ/ ١٥٠٥ م، في كتابه «كوكب الرّوضة في تاريخ النّيل وجزيرة الرّوضة» (نشره محمد الشّشتاوي وصدر في القاهرة عن دار الآفاق العربية سنة ٢٠٠٢)، ثم من الدراسات الأحدث ما كتبه جومار في: وصف مدينة القاهرة وقلعة الجبل ٣٣٣ - ٣٤٠، ومارسيل Marcel، J.J.، «Memoire sur le