فإذا وصل الخليفة إلى الجامع الأقمر بالقمّاحين اليوم، وقف وقفة بجملته في موكبه، وانفرج الموكب للوزير فيتحرّك (a) مسرعا ليصير أمام الخليفة حتى يدخل بين يديه، فيمرّ الخليفة فيسكع له سكعة ظاهرة، فيشير الخليفة للسّلام عليه إشارة خفيفة (b) - وهذه أعظم مكارمة تصدر عن الخليفة، ولا تكون إلاّ للوزير صاحب السّيف - فيفارقه (c) ويسبقه (d) إلى دخول باب القصر راكبا على عادته إلى موضعه، ويكون الأمراء قد نزلوا قبله لأنّهم في أوائل الموكب.
فإذا وصل الخليفة إلى باب القصر ودخله، وترجّل الوزير، ودخل قبله الأستاذون المحنّكون وأحدقوا به، والوزير أمام وجه دابّته من (e) مكان ترجّله إلى الكرسي الذي ركب منه، فينزل عليه ويدخل إلى مكانه بعد خدمة المذكورين له.
فيخرج الوزير ويركب من مكانه الجاري به على عادته، والأمراء بين يديه وأقاربه حواليه، فيركبون من أماكنهم ويسيرون صحبته إلى داره، فيدخل وينزل أيضا إلى مكانه على كرسي، فتخدمه الجماعة بالوداع (١).
(f) دنانير الغرّة التي كانت تضرب وتفرّق في أوّل السّنة في أيام الخلفاء
قال ابن الطّوير في الفصل الخامس من كتابه بعد ذكر ركوب أوّل العام ما نصّه (f): وتتفرّق النّاس إلى أماكنهم، فيجدون قد أحضر إليهم الغرّة. وهو أنّه يتقدّم أمر (c) الخليفة بأن يضرب بدار الضّرب في العشر الأخر من ذي الحجّة، بتاريخ السّنة التي ركب أوّلها في هذا اليوم، جملة من الدّنانير والرّباعية والدّراهم المدوّرة المقشقلة.
فيحمل إلى الوزير منها ثلاث وستون دينارا وثلاث مائة وستون رباعيّا وثلاث مائة وستون قيراطا، وإلى أولاده وإخوته من كلّ صنف من ذلك خمسون، وإلى أرباب الرّتب من أصحاب السّيوف والأقلام من عشرة دنانير وعشر رباعيات وعشرة قراريط إلى دينار واحد ورباعيّ واحد وقيراط واحد (٢)، فيقبلون ذلك على حكم البركة من قبل (g) الخليفة.
(a) بولاق: فتحرك. (b) بولاق: خفيه. (c) زيادة من مسودة المواعظ. (d) بولاق: وسبقه. (e) النسخ وبولاق: وجه الفرس، والمثبت من مسودة المواعظ. (f) (f-f) زيادة من مسودة المواعظ. (g) بولاق: البرمكية من مبلغ. (١) ابن الطوير: نزهة المقلتين ١٦٦ - ١٦٧؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٢٧٦ - ٢٧٧. (٢) يسمى الرّباعي لأن وزنه أربع حبّات بينما وزن القيراط حبة واحدة.