ويقال إنّه كان يتحصّل له من المطبخ السّلطاني في كلّ يوم - على الدّوام والاستمرار - مبلغ خمس مائة درهم نقرة، ولولده أحمد مبلغ ثلاث مائة درهم نقرة. فلمّا تحدّث النّشو في الدّولة خرّج عليه تخاريج، وأغرى به السّلطان، فلم يسمع فيه كلاما.
وما زال على حاله إلى أن مات الملك النّاصر وقام من بعده أولاده الملك المنصور أبو بكر، والملك الأشرف كجك، والملك النّاصر أحمد، والملك الصّالح إسماعيل، والملك الكامل شعبان فصادره في سنة ستّ وأربعين وسبع مائة، وأخذ منه مالا كثيرا.
وممّا وجد له خمس عشرون دارا مشرفة على النّيل وغيره. فتفرّقت حواشي الملك الكامل أملاكه، فأخذت أمّ السّلطان ملكه الذي كان على البحر - وكانت دارا عظيمة جدّا - وأخذت أنقاض داره التي بالمحموديّة من القاهرة، وأقيم عوضه بالمطبخ السّلطاني، وضرب ابنه أحمد (١).
[جامع الأسيوطي]
هذا الجامع بطرف جزيرة الفيل، ممّا يلي ناحية بولاق، كان موضعه في القديم غامرا بماء النّيل (٢). فلمّا انحسر عن جزيرة الفيل، وعمّرت بولاق، أنشأ هذا الجامع القاضي شمس الدّين
(١) المقريزي: السلوك ٦٨٥: ٢ - ٦٨٦، وانظر كذلك المقريزي: السلوك ٦٠٢: ٢؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٥٩: ١٠. (٢) ذكر ابن إياس أنّ القاضي ناصر الدّين [محمد ابن محمد بن عثمان المعروف ب] ابن البارزي أكمل في شهر جمادى الآخر سنة ٨٢٣ هـ عمارة الجامع الذي بجوار بيته الذي في بولاق وأقام به الخطبة … وكان هذا الجامع يعرف قديما بمسجد الأسيوطي، فلمّا جدّده ابن البارزي عرف به». (بدائع الزهور ٥٢: ٢؛ وانظر كذلك الشجاعي: تاريخ الملك الناصر ١١٨ - ١١٩؛ المقريزي: السلوك ٧٩٧: ٢، ٥٢٩: ٤؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٩٥: ١٤ - ٩٦؛ البقاعي: عنوان الزمان بتراجم الشيوخ والأقران ٢١٧). وذكر علي باشا مبارك أنّ هذا الجامع لم يبق له أثر بالمرّة (الخطط التوفيقية ٥٥: ٥)، ولكن محمد بك رمزي حدّد مكان جامع الأسيوطي (ابن البارزي) بالموضع الذي أقيم عليه الجامع المعروف الآن بجامع الأخرس (نسبة إلى الشيخ محمد الأخرس المدفون فيه) بشارع السّبتية الجوّاني ببولاق. وبعد خرابه اغتصب بعض أصحاب الأملاك المجاورة له جزءا منه. واستدلّ رمزي بك على ذلك بأنّ جامع الأسيوطي (ابن البازري) مبيّن على خريطة القاهرة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية باسم «جامع البارزي» (خريطة بولاق برقم ٨٤). (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٤٢: ١٠ - ٢٤٣ هـ ٥).