للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا البحر المحدود هو بحر القلزم، وهو داخل في أرض مصر بشرقيه وغربيه وبحريه:

فالشّرقيّ منه أرض الحوراء وطنسه والنّبك وأرض مدين وأرض أيلة فصاعدا إلى المقطّم بمصر، والغربي منه ساحل عيذاب إلى بحر النّعام إلى المقطّم، والبحريّ منه مدينة القلزم وجبل الطّور.

ومن القلزم إلى الفرما مسيرة يوم وليلة، وهو الحاجز فيما بين البحرين، بحر الحجاز وبحر الرّوم، وهذا كلّه شرقي أرض مصر من الحوراء إلى العريش وهو مهبّ الصّبا منها (١). فهذا المحدود من أرض مصر. وما كان بعد هذا من الحدّ الغربي، فمن فتوح أهل مصر وثغورهم من برقة إلى الأندلس.

ذكر بحر القلزم (a)) القلازم: الدّواهي والمضايقة، ومنه بحر القلزم (٢)، لأنّه مضيق بين جبال (a)، ولمّا كانت أرض مصر منحصرة بين بحرين، هما بحر القلزم من شرقيها وبحر الرّوم من شماليها، وكان بحر القلزم داخلا في أرض مصر كما تقدّم، صار من شرط هذا الكتاب التّعريف به، فنقول:

هذا البحر إنّما عرف في ناحية ديار مصر بالقلزم، لأنّه كان بساحله الغربي في شرقي أرض مصر مدينة تسمّى القلزم، وقد خربت - كما ستقف عليه إن شاء اللّه تعالى في موضعه من هذا الكتاب (٣) عند ذكري قرى مصر ومدنها - فسمّي هذا البحر باسم تلك المدينة وقيل له «بحر القلزم» على الإضافة، ويقال له بالعبرانية: يمّ سوف (b).

وهذا البحر إنّما هو خليج يخرج من البحر الكبير المحيط بالأرض الذي يقال له بحر أقيانس، ويعرف أيضا ببحر الظّلمات، لتكاثف البخار المتصاعد منه وضعف الشّمس عن حلّه، فيغلظ وتشتدّ الظّلمة، ويعظم موج هذا البحر وتكثر أهواله، ولم يوقف من خبره إلاّ على ما عرف من بعض سواحله وما قرب من جزائره.


(a-a)) ساقطة من الأصل.
(b) بولاق: ثم منسوب.
(١) ابن ظهيرة: الفضائل الباهرة ٩ - ١٠.
(٢) انظر عن بحر القلزم وهو المعروف الآن بالبحر الأحمر، ياقوت: معجم البلدان ٣٨٧: ٤ - ٣٨٨؛ Beckingham، C.H.، El ٢? art.Bahr al-Kulzum I،.pp. ٩٦٠ - ٦١
(٣) فيما يلي ٢١٣.