للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر أرض الطّبّالة (١)

هذه الأرض، على جانب الخليج الغربي بجوار المقس، كانت من أحسن متنزّهات القاهرة؛ يمرّ النّيل الأعظم من غربيها عند ما يندفع من ساحل المقس - حيث جامع المقس الآن - إلى أن ينتهي إلى الموضع الذي يعرف بالجرف، على جانب الخليج النّاصريّ بالقرب من بركة الرّطليّ.

ويمرّ من الجرف إلى غربيّ البعل، فتصير أرض الطّبّالة نقطة وسطا: من غربيها النّيل الأعطم، ومن شرقيها الخليج، ومن قبليها البركة المعروفة ببطن البقرة، والبساتين التي آخرها حيث الآن باب مصر بجوار الكبارة، وحيث المشهد النّفيسي، ومن بحريها أرض البعل ومنظرة البعل ومنظرة التّاج والخمس الوجوه وقبّة الهواء (٢).

فكانت رؤية هذه الأرض شيئا عجيبا في أيام الرّبيع، وفيها يقول سيف الدّين عليّ بن قزل المشد:

[الوافر]

إلى طبّالة يعزون أرضا … لها من سندس الرّيحان بسط

وقد كتب الشّقيق بها سطورا … وأحسن شكلها للطلّ نقط

رياض كالعرائس حين تجلى … يزيّن وجهها تاج وقرط


(١) هذا الفصل نشره سلفستر دي ساسي De Sacy، S.، Chrestomathie Arabe، Paris ١٨٠٦، I، pp. ١٠٥ - ٣١، بعنوان: «ذكر أرض الطبالة وحشيشة الفقراء».
(٢) يدل على موقع أرض الطّبّالة الآن المنطقة السكنية التي تحدّ من الشرق بشارع بورسعيد (الخليج المصري) ومن الشمال بشارع الظّاهر فشارع وقف الخربوطلي وما في امتداده حتى يتقابل بشارع مهمشة، ومن الغرب بشارع غمرة (أسفل كوبرى أكتوبر) إلى مبنى الهيئة القومية لمترو الأنفاق (محطة كوبري الليمون) فميدان رمسيس فميدان باب الحديد حيث كان النيل يجري قديما. ومن الجنوب بشارع الفجّالة وسكّة الفجّالة ويدخل في هذه المنطقة كذلك مبنى الهيئة القومية لمترو الأنفاق (محطة كوبري الليمون) والفجّالة وبركة الرّطلي. وفي نهاية القرن التاسع عشر كان النصف الغربي من هذه المنطقة وما جاورها من الغرب أرضا زراعية تزرع فيها الخضروات وعلى الأخص الفجل، فاشتهرت الأرض باسم غيط الفجّالة نسبة إلى الذين يزرعونه، ولمّا عمرت تلك الجهة بالمساكن سمّيت الطريق التي كانت تجاور هذا الغيط من الجهة القبلية باسم شارع الفجّالة. (تعليقات محمد رمزي واستدراكاته على النجوم الزاهرة ١٢: ٥ هـ ٥، ٣٨٩: ٧؛ محمد رمزي: «الجغرافية التاريخية لمدينة القاهرة - شبرا وروض الفرج ٥، ٣٣٢).