قال اللّه ﷿: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اَللّهِ اَلنّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اِسْمُ اَللّهِ كَثِيراً﴾ [الآية ٤٠ سورة الحج]، قال المفسّرون: الصّوامع للصّابئين، والبيع للنصارى، والصّلوات كنائس اليهود، والمساجد للمسلمين؛ قاله ابن قتيبة (٢). والكنيس كلمة عبرانيّة معناها بالعربية: الموضع الذي يجتمع فيه للصّلاة.
ولهم بديار مصر عدّة كنائس: منها كنيسة دموه بالجيزة، وكنيسة جوجر من القرى الغربية، وبمصر الفسطاط كنيسة بخطّ المصّاصة في درب الكرمة، وكنيستان بخطّ قصر الشّمع، وبالقاهرة كنيسة بالجوذريّة، وفي حارة زويلة خمس كنائس.
كنيسة دموه (٣)
هذه الكنيسة أعظم معبد لليهود بأرض مصر. فإنّهم لا يختلفون في أنّها الموضع الذي كان يأوي إليه موسى بن عمران - صلوات اللّه عليه - حين كان يبلّغ رسالات اللّه ﷿ إلى فرعون، مدّة/ مقامه بمصر، منذ قدم من مدين إلى أن خرج ببني إسرائيل من مصر. ويزعم يهود أنّها بنيت هذا البناء الموجود، بعد خراب بيت المقدس الخراب الثّاني على يد طيطش ببضع وأربعين سنة، وذلك قبل ظهور الملّة الإسلامية بما ينيف على خمس مائة سنة.
وبهذه الكنيسة شجرة زيزلخت في غاية الكبر، لا يشكّون في أنّها من زمن موسى ﵇ ويقولون: إنّ موسى ﵇ غرس عصاه في موضعها، فأنبت اللّه هناك هذه
(١) هذا الفصل من هنا وحتى صفحة فيما يلي، نشره وترجمه إلى اللغة الفرنسية L.Leroy بعنوان Leroy، L.، «Les Synagogues des Juifs.Moise et Elite d'apres les traditions arabes»، ROCXI (١٩٠٦)، pp. ١٤٩ - ؛ ٦٢، ٣٧١ - ٤٠٢; XII (١٩٠٧)، pp. ١٩٠ - ٢٠٨، ٢٦٩ - ٧٩ كما نشر هذا الفصل كاملا حتى صفحة ٩٦٣ فيما يلي، عبد المجيد دياب بعنوان: «تاريخ اليهود وآثارهم في مصر»، القاهرة - دار الفضيلة ١٩٩٧. (٢) ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن ١٦٢. (٣) دموه. بضم الدّال والميم وسكون الواو وهاء خالصة. (ياقوت: المشترك وضعا ١٨٢).