للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدّهيشة

عمّرها السّلطان الملك الصّالح عماد الدّين إسماعيل بن محمد بن قلاوون في سنة خمس وأربعين وسبع مائة. وذلك أنّه بلغه عن الملك المؤيّد عماد الدّين، صاحب حماة، أنّه عمّر بحماة دهيشة (١) لم يبن مثلها، فقصد مضاهاته، وبعث الأمير أقجبا والحجيج (a) المهندس لكشف دهّيشة حماة، وكتب لنائب حلب ونائب دمشق بحمل ألفي حجر بيض وألفي حجر حمر من حلب ودمشق، (b)) وواصل البريد بالاستحثاث في الطّلب، فوقع الاهتمام بذلك وسخّر نوّاب الشّام النّاس في حمل الحجارة من حلب ودمشق (b) وحشرت الجمال لحملها حتى وصلت إلى قلعة الجبل. وصرف في حمولة كلّ حجر من حلب اثنا عشر درهما، ومن دمشق ثمانية دراهم.

واستدعي الرّخام من سائر الأمراء وجميع الكتّاب، ورسم بإحضار الصّنّاع للعمل، ووقع الشّروع فيها حتى تمّت في شهر رمضان منها (٢). وقد بلغ مصروفها خمس مائة ألف درهم، سوى ما قدم من دمشق وحلب وغيرهما، وعمل لها من الفرش والبسط والآلات ما يجلّ وصفه، وحضر بها سائر المغاني (c). وكان مهمّا عظيما.


(a) بولاق: وابجيج.
(b-b) ساقطة من بولاق، وفي مسودة الخطط: فبلي الناس من ذلك بمشقّة زائدة لكثرة الكلف والسّخرة.
(c) بولاق: الأغاني. وجعل ذلك الرّخام في قاعة البيسريّة فسلّط اللّه عليه بعد موته من أخذه من البيسريّة ولم ينتفع به أحد من بعده، والمجازاة من جنس العمل». (ابن إياس: بدائع الزهور ١٧٩: ٥ - ١٨٣).
(١) وردت في مسودة الخطط ٧٠ ظ: دهشة، ويبدو أنه الاسم الصحيح بمعنى، الاندهاش، بينما لفظ دهّيشة هو التسمية الشائعة على الألسنة.
والدّهيشة بدأ في عمارتها النّاصر محمد بن قلاوون ومات ولم يتمّها فأكملها ابنه الملك الصّالح إسماعيل وتناهى في زخرفتها، وكانت ملاصقة للدّور السّلطانية ومطلّة على الحوش السّلطاني. (ابن إياس: بدائع الزهور ٤٦٠: ١/ ١، ٤٨٥، ٥٠٤، ٥٥٣). وبذلك فإنّها كانت تقع في الجهة الشرقية القبلية من جامع محمد علي بالقلعة. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٨٩: ١٠ - ٩٠ هـ ٤؛ Casanova، P.، op.cit.، p. ٦٧٣ - ٧٥ (الترجمة العربية ١٥٢ - ١٥٤)).
(٢) المقريزي: مسودة الخطط ٧٠ و- ظ.