غاية الضّرر بسبب ذلك» و «ضيّق بها الطّريق على المارّ من هناك، وأعمى ترب النّاس التي بجواره»(١).
وأطلق جومار - أحد العلماء المصاحبين للحملة الفرنسية - على المقابر الموجودة بهذه المنطقة اسم «ترب قايتباي»(٢)، وهي بالرّغم من فقدان الكثير منها فإنّ المتبقي منها الآن يمثّل ثروة معمارية لم يجتمع مثلها في صعيد واحد مثل ما اجتمعت بها.
وتعرف المقابر التي أنشئت بحري قلعة الجبل خارج باب الوزير، حيث قبّة الأمير طراباي الشّريفي، ب «قرافة باب الوزير»، والمقابر التي أنشئت إلى الشّمال منها باسم «قرافة المجاورين».
الوضع الرّاهن للآثار التي ذكرها المقريزي
يقول Mariette عن القاهرة - قبل أكثر من قرن ونصف القرن -: «إنّها لو تركت لنفسها فإنّها ستمزّق وثائق عظمتها» «Il dechire les parchemins de sa propre noblesse»، وعلّق على ذلك إدمون بوتي Edmond Pauty مهندس وخبير لجنة حفظ الآثار العربية - قبل أكثر من سبعين عاما - بأنّ هناك عادة قديمة يصعب مواجهتها تريد أن لا يكون للشّرقيين تجاه ما شيّده أسلافهم، باستثناء المساجد التي يجلّونها لمكانتها المقدّسة هي وأماكن العبادة الأخرى، إلاّ كلّ ازدراء أو عدم اكتراث. فالمصريون لا يقدّرون قيمة ما يمتلكونه ويزيلون بلا اكتراث كلّ ما يتهدّده التّخريب، إذ إنّ عمارة فقيرة جديدة أفضل عندهم من قصر قديم (٣). ورغم قسوة هذا الحكم فإنّه لا شك يحمل قدرا كبيرا من الحقيقة مازال مستمرا حتى الآن.
فحتى عام ١٨٧٠ م لم تكن القاهرة تعاني من هذا الإهمال لآثارها وكانت الأوقاف ما تزال تصرف في أغراضها، فقد كان مركز الحكم ما يزال في قلعة الجبل، ولم يكن تغريب المدينة مع
(١) ابن إياس: بدائع الزهور ٤٢٤: ٣، ٤٣٧. (٢) جومار: وصف مدينة القاهرة ٢٢٦. (٣) Pauty، E.، «la defense de l'ancienne ville du Caire et de ses monuments.Urbanisme etL ٢ archeologie»، BIFAO XXXI (١٩٣١)، p. ١٣٥.