للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكتب إليه عمر «أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثّلاث قريات ذمّة للمسلمين، وتضرب عليهم الخراج، ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط قوّة للمسلمين على عدوّهم، ولا يجعلون فيئا ولا عبيدا»، ففعل ذلك. ويقال إنّما ردّهم عمر لعهد كان تقدّم لهم (١).

وقال ابن لهيعة: جبى عمرو جزية الإسكندرية ستّ مائة ألف دينار، لأنّه وجد ثلاث مائة ألف من أهل الذّمّة، فقدّر عليهم دينارين دينارين، فبلغت ذلك (٢). وقيل كانت جزية الإسكندرية/ ثمانية عشر ألف دينار. فلمّا كانت خلافة هشام بن عبد الملك بلغت ستة وثلاثين ألف دينار. ويقال إنّ عمرو بن العاص استبقى أهل الإسكندرية، فلم يقتل ولم يسب، بل جعلهم ذمّة كأهل النّوبة.

ذكر ما كان من فعل المسلمين بالإسكندرية، وانتقاض الرّوم

قال ابن عبد الحكم: فأمّا الإسكندرية فلم يكن بها خطط، وإنّما كانت أخائذ، من أخذ منزلا نزل فيه هو وبنو أبيه. وأنّ عمرو بن العاص لمّا فتح الإسكندرية، أقبل هو وعبادة بن الصّامت حتى علوا الكوم الذي فيه مسجد عمرو بن العاص، فقال معاوية بن حديج: ننزل؛ فنزل عمرو القصر، ونزل أبو ذرّ منزلا كان غربيّ المصلّى الذي عند مسجد عمرو ممّا يلي البحر وقد انهدم، ونزل معاوية بن حديج فوق التّلّ، وضرب (a) عبادة بن الصّامت بناء (b) فلم يزل فيه حتى خرج من الإسكندرية ويقال إنّ أبا الدّرداء كان معه، واللّه أعلم (٣).

قال: فلمّا استقامت لهم البلاد قطع عمرو بن العاص من أصحابه لرباط الإسكندرية ربع الناس، وربع في السّواحل، والنصف مقيمون معه. وكان يصيّر بالإسكندرية خاصّة الرّبع في الصّيف بقدر ستة أشهر، ويعقب بعدهم شاتيّة ستة أشهر وكان لكلّ عريف قصر ينزل فيه بمن معه من أصحابه، واتّخذوا فيه أخائذ.


(a) الأصل: صرّف، والمثبت من ابن عبد الحكم.
(b) بولاق: خباء.
(١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨٣.
(٢) فيما تقدم ٢١٢.
(٣) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٣٠.