وفسد ما بين كافور وبين عليّ بن الإخشيد، فمنع كافور من الاجتماع به، واعتلّ عليّ بعد ذلك علّة أخيه، ومات لإحدى عشرة خلت من المحرّم سنة خمس وخمسين وثلاث مائة، فحمل إلى القدس. وبقيت مصر بغير أمير أيّاما، ولم يدع بها إلاّ للمطيع للّه وحده، وكافور يدبّر أمورها ومعه أبو الفضل جعفر بن الفرات.
ثم ولي كافور الخصيّ الأسود مولى الإخشيد، من قبل المطيع، على الحرب والخراج وجميع أمور مصر والشّام والحرمين. فلم يغيّر لقبه، وإنّما كان يدعى ويخاطب ب «الأستاذ»، وأخرج كتاب المطيع بولايته لأربع بقين من المحرّم سنة خمس وخمسين، فلم يزل إلى أن توفّي لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاث مائة (١).
فولي أحمد بن عليّ الإخشيد أبو الفوارس وسنّه إحدى عشرة سنة، في يوم وفاة كافور، وجعل الحسن (a) بن عبيد اللّه بن طغج يخلفه، وأبو الفضل جعفر بن الفرات يدبّر الأمور، وشمول الإخشيدي يدبّر (b) العساكر؛ إلى أن قدم جوهر القائد من المغرب بجيوش المعزّ لدين اللّه في سابع عشر شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، ففرّ الحسن (a) بن عبيد اللّه، وتسلّم جوهر البلاد كما سيأتي إن شاء اللّه.
فكانت مدّة الدّعاء لبني العبّاس بمصر، منذ ابتدأت دولتهم إلى أن قدم القائد جوهر إلى مصر، مائتي سنة وخمسا وعشرين سنة، ومدّة الدّولة الإخشيديّة بها أربعا وثلاثين سنة وعشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما. ومنذ افتتحت مصر إلى أن انتقل كرسي الإمارة منها إلى القاهرة ثلاث مائة سنة وسبع وثلاثون سنة وأشهر (٢).
[ذكر ما كانت عليه مدينة الفسطاط من كثرة العمارة]
قال ابن يونس، عن اللّيث بن سعد: إنّ حكيم بن أبي راشد حدّثه، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، أنّه وقف على جزّار فسأله عن السّعر، فقال: بأربعة أفلس الرّطل؛ فقال له أبو سلمة:
هل لك أن تعطينا بهذا السّعر ما بدا لنا وبدا لك؟ قال: نعم. فأخذ منه أبو سلمة، وحزّ في (c) القصبة حتى إذا أراد أن يوفّيه، قال: بعتني بدينار، ثم قال: اصرفه فلوسا ثم وفّه.
(a) بولاق: الحسين. (b) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: ومر في. (١) انظر ترجمة كافور الإخشيدي فيما يلي ٢٦: ٢ - ٢٧. (٢) انظر عن الفترة السابقة للفتح الفاطمي لمصر بعد