هذا السّوق ممّا استجدّ بعد زوال الدّولة الفاطميّة، وكان بأوّله حبس المعونة الذي عمله الملك المنصور قلاوون سوق العنبر، ويقابله المارستان والوكالة ودار الضّرب في الموضع الذي يعرف اليوم بدرب الشّمسي وما بحذائه من الحوانيت إلى حمّام الخرّاطين وما تجاه ذلك (١).
وهذا السّوق معدّ لبيع المهاميز (٢): وأدركت النّاس وهم يتّخذون المهماز كلّه، قالبه وسقطه، من الذّهب الخالص ومن الفضّة الخالصة، ولا يترك ذلك إلاّ من يتورّع ويتديّن، فيتّخذ القالب/ من الحديد ويطليه بالذّهب أو الفضّة، ويتّخذ السّقط من الفضّة. وقد اضطرّ النّاس إلى ترك هذا، فقلّ من بقي سقط مهمازه فضّة، ولا يكاد يوجد اليوم مهماز من ذهب.
وكان يباع بهذا السّوق البدلات الفضّة التي كان برسم لجم الخيل، وتعمل تارة من الفضّة المجراة بالمينا، وتارة بالفضّة المطليّة بالذّهب، فيبلغ زنة ما في البدلة من خمس مائة درهم فضّة إلى ما دونها. وقد بطل ذلك.
وكان يباع به أيضا السّلاسل الفضّة بالمخاطم الفضّة (a) المطليّة، تجعل من (b) تحت لجم الحجورة (c) من الخيل خاصّة، فيركب بها أعيان الموقّعين وأكابر الكتّاب من القبط ورؤساء التّجّار وقد بطل ذلك أيضا.
ويباع فيه أيضا الدّوي، والطّرف التي فيها الفضّة والذّهب، كسكاكين الأقلام ونحوها.
وكانت تجّار هذا السّوق تعدّ من بياض العامّة. ويتّصل بسوق المهامزيين هذا:
(a) بولاق: سلاسل الفضة ومخاطم. (b) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: الحجور. (١) فيما تقدم ١١٢. (٢) الهمز. الدّفع والضّرب؛ والمهمز والمهماز ج. مهامز ومهاميز، حديدة في مؤخّر خفّ الرائض. (الفيروز أبادي: القاموس المحيط ٦٨١). وذكر القلقشندي في الفصل الذي عقده لذكر آلات الركوب أنّ المهماز: «آلة من حديد تكون في رجل الفارس فوق كعبه، فوق الخفّ وما في معناه؛ ومؤخّره إصبع محدّد الرأس إذا أصاب جانب الفرس تحرّكت وأسرعت في المشي أو جدّت في العدو، وهو تارة يكون من ذهب محض، وتارة يكون من فضة، وتارة يكون من حديد مطليّ بالذّهب أو الفضّة؛ وقد اعتاد القضاة والعلماء في زماننا [وهو نفس زمان المقريزي] تركه». (صبح الأعشى ١٣٦: ٢).