هذا المكان - الذي هو الآن دار الضّرب من بعض القصر - كان خزانة بجوار الإيوان الكبير، سجن بها الخليفة الحافظ لدين اللّه أبو الميمون عبد المجيد ابن الأمير أبي القاسم محمد بن المستنصر باللّه أبي تميم معدّ. وذلك أنّ الآمر لمّا قتل في يوم الثلاثاء رابع عشر ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمس مائة قام العادل برغش وهزّار الملوك جوامرد - وكانا أخصّ غلمان الآمر - بالأمير عبد المجيد، ونصّباه خليفة، ونعتاه بالحافظ لدين اللّه، وهو يومئذ أكبر الأقارب سنّا (١).
وذكر أنّ الآمر قال قبل أن يقتل بأسبوع عن نفسه:«المسكين المقتول بالسّكّين»(٢)، وأنّه أشار إلى أنّ بعض جهاته حامل منه، وأنّه رأى أنّها ستلد ذكرا وهو الخليفة من بعده، وأنّ كفالته للأمير عبد المجيد. فجلس على أنّه كافل للمذكور، وندب هزّار الملوك للوزارة، وخلع عليه (٣).
فلم يرض الأجناد بوزارته (a)، وثاروا بين القصرين - وكبيرهم رضوان بن ولخشي - وأقاموا أبا عليّ (b) أحمد (c) بن الأفضل الملقّب بكتيفات، وقالوا: لا نرضى إلاّ أن تصرف هزّار الملوك وتفوّض الوزارة لأحمد بن الأفضل (d) فنزعت الخلع من هزّار الملوك في مجلس الخلافة وقبض عليه وقتل وخلع على أحمد بن الأفضل (d) في سادس عشره. فكان أوّل ما بدأ به أن أحاط على الخليفة الحافظ وسجنه بالقاعة المذكورة وقيّده، وهمّ بخلعه فلم يتأتّ له ذلك. وكان إماميّا، فأبطل ذكر الحافظ من الخطبة، وصار يدعو للقائم المنتظر، ونقش على السّكّة:«اللّه الصّمد، الإمام محمّد»(٤).
(a) بولاق: به. (b) بولاق: وقاموا بأبي علي. (c) ساقطة من بولاق. (d) (d-d) ساقطة من بولاق. (١) فيما تقدم ١٩٩ - ٢٠٠. (٢) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٨٥: ٥. (٣) راجع، أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٢٤٢ - ٢٤٣. (٤) راجع أخبار أبي علي الأفضل والانقلاب الذي قام به ضد الدولة الفاطمية حيث أسقط اسم إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنتسب إليه الإسماعيلية، ودعا للإمام المنتظر الاثنا عشري وأعلن نهاية الأسرة الفاطمية - عند أيمن فؤاد: المرجع السابق ٢٤٢ - ٢٤٨ وما ذكر من مصادر ومراجع، ووصل إلينا درهم مؤرخ في سنة ٥٢٦ هـ محفوظ في مجموعة الدكتور هنري أمين عوض بالقاهرة باسم: (الإمام محمد المنتظر لأمر اللّه، اللّه الصّمد) وهو ما يتفق مع ما ذكره المقريزي.