للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستعمل كلّ منهم ما اقتدر عليه، وأومأ الخليفة بأن يستعمل من القعبة فيفرّق الفرّاشون عليهم أجمعين. وكلّ من تناول شيئا قام وقبّل الأرض وأخذ منه على سبيل البركة لأولاده وأهله - لأنّ ذلك كان مستفاضا عندهم غير معيب على فاعله - ثم قدّمت الصّحون الصّيني مملوءة قطائف، فأخذ منها الجماعة الكفاية.

وقام الخليفة وجلس بالباذهنج، وبين يديه السّحورات المطيّبات من لبابين (a) رطب ومحمّص (b)، وعدّة أنواع عصارات واقطلوات، وسويق ناعم وجريش جميع ذلك بقلوبات وموز، ثم يكون بين يديه صينية ذهب مملوءة سفوفا. وحضر الجلساء، وأخذ كلّ منهم في تقبيل الأرض والسّؤال بما ينعم عليه منه. فتناوله المستخدمون والأستاذون/ وفرّقوه، فأخذه القوم في أكمامهم، ثم سلّم الجميع وانصرفوا (١).

[ومنها الختم في آخر رمضان]

وكان يعمل في التّاسع والعشرين منه، (c) الأصل في عمل الختم في شهر رمضان ما رواه ابن وهب: حدّثني يحيى بن أزهر عن الحجّاج بن شدّاد، أنّ أبا صالح سعيد بن عبد الرّحمن الغفاري أخبره أنّ أبا هريرة كان إذا كانت ليلة ثلاث وعشرين من رمضان ذبح جزرة فعرقها ثم أحضر أهله الصّغير منهم والكبير ليلة ثلاث وعشرين (c). قال ابن المأمون: ولمّا كان التّاسع والعشرين من شهر رمضان، خرج الأمر بأضعاف ما هو مستقرّ للمقرئين والمؤذّنين في كلّ ليلة برسم السّحور، بحكم أنّها ليلة ختم الشّهر. وحضر الأجلّ الوزير المأمون في آخر النّهار إلى القصر للفطور مع الخليفة والحضور على الأسمطة على العادة، وحضر إخوته وعمومته وجميع الجلساء، وحضر المقرئون والمؤذّنون وسلّموا على عادتهم، وجلسوا تحت الرّوشن.

وحمل من عند معظم الجهات والسّيّدات والمميّزات من أهل القصور ثلاجي وموكبيات مملوءة ماء ملفوفة في عراضي دبيقي، وجعلت (d) أمام المذكورين لتشملها بركة ختم القرآن


(a) بولاق: لبئين.
(b) بولاق: مخص.
(c) (c-c) حاشية بخط المؤلف.
(d) بولاق: جعلها. والسّدلاّ الفاطمية أشبه ببناء مغلق من ثلاثة جوانب ومفتوح من الجانب الرابع حيث كان يوجد «الشّبّاك». وكانت تقع على التقريب في وسط القصر بين باب العيد وباب البحر.
(١) ابن المأمون: أخبار مصر ٨٢ - ٨٣.