﵁ قد دعاهم، فأتاه، فقال له: يا ابن عامر، ما تريد من هؤلاء القوم؟ قال: أريد أن أقرّبهم فيتشفّعوا فأشفّعهم، ويسألوا فأعطيهم، ويشيروا عليّ فأقبل منهم. فقال: لا، ولا كرامة! فتأتي إلى قوم قد انقطعوا إلى اللّه تعالى، فتدنّسهم بدنياك، وتشركهم في أمرك. حتى إذا ذهبت أديانهم، أعرضت عنهم، فطاحوا لا إلى الدّنيا ولا إلى الآخرة، قوموا فارجعوا إلى مواضعكم. فقاموا، فأمسك ابن عامر، فما نطق بلفظة. ذكره أبو نعيم.
/ الخانكاه الصّلاحيّة دار سعيد السّعداء دويرة الصّوفيّة [أثر رقم ٤٨٠]
هذه الخانكاه بخطّ رحبة باب العيد من القاهرة، كانت أوّلا دارا تعرف في الدّولة الفاطمية بدار سعيد السّعداء - وهو الأستاذ قنبر، ويقال عنبر، وذكر ابن ميسّر أنّ اسمه بيان، ولقبه سعيد السّعداء - أحد الأستاذين المحنّكين خدّام القصر، عتيق الخليفة المستنصر. قتل في سابع شعبان سنة أربع وأربعين وخمس مائة، ورمي برأسه من القصر، ثم صلبت جثّته بباب زويلة من ناحية الخرق (١).
وكانت هذه الدّار مقابل دار الوزارة، فلمّا كانت وزارة العادل رزّيك بن الصّالح طلائع ابن رزّيك سكنها، وفتح من دار الوزارة إليها سردابا تحت الأرض ليمرّ فيه. ثم سكنها الوزير شاور ابن مجير في أيّام وزارته، ثم ابنه الكامل (٢). فلمّا استبدّ الناصر صلاح الدّين يوسف بن أيّوب ابن شاذي بملك مصر بعد موت الخليفة العاضد، وغيّر رسوم الدّولة الفاطميّة، ووضع من قصر الخلافة وأسكن فيه أمراء دولته الأكراد، عمل هذه الدّار برسم الفقراء الصّوفيّة الواردين من البلاد الشّاسعة، ووقفها عليهم في سنة تسع وستين وخمس مائة، وولّى عليهم شيخا، ووقف عليهم بستان الحبّانيّة بجوار بركة الفيل خارج القاهرة، وقيساريّة الشّرب بالقاهرة، وناحية دهمرو من البهنساوية (٣). وشرط أنّ من مات من الصّوفيّة وترك عشرين دينارا فما دونها كانت للفقراء، ولا
(١) ابن ميسر: أخبار مصر ١٤٤؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٠٠: ٣؛ ومصدر هذا الخبر في المسوّدة من ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٤٩ - ٥٠. وترجم المقريزي لبيان في المقفى الكبير ٥١٢: ٢. (٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٤٩. (٣) نفسه ٥٠، ٥٥، ١٣٦.