للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمصر من الآثار غير تأسيس الجامع الحاكمي، وما عدا ذلك فذهب اسمه ومحي رسمه.

الحاكم بأمر اللّه

أبو عليّ منصور بن العزيز باللّه نزار بن المعزّ لدين اللّه أبي تميم معدّ (١) - ولد بالقصر من القاهرة المعزّيّة ليلة الخميس الثّالث والعشرين من شهر ربيع الأوّل سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، في الساعة التاسعة، والطّالع من برج السّرطان سبع وعشرين درجة، وسلّم عليه بالخلافة في مدينة بلبيس بعد الظّهر من يوم الثلاثاء عشرين شهر رمضان سنة ستّ وثمانين وثلاث مائة.

وسار إلى القاهرة في يوم الأربعاء بسائر أهل الدّولة، والعزيز في قبّة على ناقة بين يديه، وعلى الحاكم درّاعة مصمت وعمامة فيها الجوهر، وبيده رمح وقد تقلّد السّيف، ولم يفقد من جميع ما كان مع العساكر شيء. ودخل القصر قبل صلاة المغرب، وأخذ في جهاز أبيه العزيز باللّه ودفنه.

ثم بكّر سائر أهل الدّولة إلى القصر يوم الخميس، وقد نصب للحاكم سرير من ذهب عليه مرتبة مذهّبة في الإيوان الكبير. وخرج من قصره راكبا وعليه معمّمة الجوهر، والنّاس وقوف في صحن الإيوان، فقبّلوا له الأرض، ومشوا بين يديه حتى جلس على السّرير. فوقف من رسمه الوقوف، وجلس من له عادة أن يجلس، وسلّم الجميع عليه بالإمامة واللّقب الذي اختير له وهو «الحاكم بأمر اللّه». وكان سنّه يومئذ إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر وستة أيّام.

فجعل أبا محمد الحسن بن عمّار الكتامي (a) واسطة ولقّب بأمين الدّولة، وأسقط مكوسا كانت بالسّاحل، وردّ إلى الحسين بن جوهر القائد البريد والإنشاء فكان يخلفه ابن سورين، وأقرّ


(a) بولاق: الكندي.
(١) أهمّ المصادر المبكّرة التي تناولت سيرة الإمام الحاكم بأمر اللّه هي كتاب «أخبار مصر» للمسبّحي، الذي وصل إلينا منه فقط المجلّد الأربعون الذي يتناول حوادث سنتي ٤١٤ و ٤١٥ هـ؛ إضافة إلى نقول مطوّلة حفظها منه المؤرّخون المتأخّرون. (انظر فيما تقدم ٢٤: ٢ *- ٢٨ *)، وتاريخ يحيى ابن سعيد الأنطاكي (نشرة لويس شيخو ونشرة كراتشكوفسكي وفازيليف ونشرة عمر تدمري)، أضف إليها؛ ابن ظافر: أخبار الدول المنقطعة (القسم الخاص بالفاطميين) ٤٣ - ٦٢؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٢٩٢: ٥ - ٢٩٨؛ النويري: نهاية الأرب ١٦٧: ٢٨ - ٢٠٢، ابن أيبك: كنز الدرر ٢٥٦: ٦ - ٣١٢؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣: ٢ - ١٢٣؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ١٧٦: ٤ - ٢٤٧؛ وفيما يلي ٣٩٠ - ٣٩٥.
كما وضعت مؤلّفات كثيرة عن عصر الحاكم بأمر -