الجبن، وكان يقلي لها الجبن في الغداء/ والعشاء. وناهيك بمن وصل إلى مداومة البقل والجبن في كلّ يوم - وهما أخسّ ما يذكر (a) - فما عساه يكون بعد ذلك! وكان القاضي كريم الدّين والأمير مجليس وعدّة من الأمراء، يترجّلون عند النزول، ويمشون بين يدي محفّتها، ويقبّلون الأرض لها كما يفعلون بالسّلطان. ثم حجّ بها الأمير بشتاك في سنة تسع وثلاثين وسبع مائة (١).
وكان الأمير تنكز إذا جهّز من دمشق تقدمة إلى السّلطان، لا بد أن يكون لخوند طغاي منها جزء وافر. فلمّا مات السّلطان الملك الناصر، استمرّت عظمتها من بعده إلى أن ماتت في شهر شوّال سنة تسع وأربعين وسبع مائة أيّام الوباء، عن ألف جارية وثمانين خادما خصيّا وأموال كثيرة جدّا.
وكانت عفيفة طاهرة، كثيرة الخير والصّدقات والمعروف. جهّزت سائر جواريها، وجعلت على قبر ابنها - بقبّة المدرسة الناصريّة بين القصرين - قرّاء، ووقفت على ذلك وقفا، وجعلت من جملته خبزا يفرّق على الفقراء، ودفنت بهذه الخانقاه، وهي من أعمر الأماكن إلى يومنا هذا.
خانكاه (b) يونس [أثر رقم ١٥٧]
هذه الخانكاه (b) من جملة ميدان القبق، بالقرب من قبّة النصر خارج باب النصر (٢). أدركت
(a) بولاق: ما يؤكل. (b) بولاق: خانقاه. (١) راجع كذلك Behrens-Abouseif، D.، «The Mahmal Legend and the Pilgrimage of the Ladies of the Mamluk Court»، MSRI (١٩٩٧)، pp. ٨٧ - ٩٨.