للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيساريّة الجامع الطّولوني (a)

هذه القيساريّة كان موضعها في القديم من جملة قصر الإمارة الذي بناه الأمير أبو العبّاس أحمد بن طولون، وكان يخرج منه إلى الجامع من باب في جداره القبلي. فلمّا خرب صار ساحة أرض، فعمّر فيها القاضي تاج الدّين (b) المناوي، خليفة الحكم عن قاضي القضاة عزّ الدّين عبد العزيز ابن جماعة، قيساريّة في سنة خمسين وسبع مائة من فائض مال الجامع الطّولوني، فعمل (c) فيها ثلاثون حانوتا.

فلمّا كانت ليلة النصف من شهر رمضان من هذه السنة، رأى شخص من أهل الخير رسول اللّه في منامه، وقد وقف على باب هذه القيساريّة وهو يقول: «بارك اللّه لمن يسكن هذه القيساريّة»، وكرّر هذا القول ثلاث مرّات (١). فلمّا قصّ هذه الرّؤيا رغب النّاس في سكناها، وصارت إلى اليوم هى وجميع ذلك السّوق في غاية العمارة.

وفي سنة ثمان عشرة وثمان مائة، أنشأها قاضي القضاة جلال الدّين عبد الرّحمن بن شيخ الإسلام سراج الدّين عمر بن نصير بن رسلان البلقيني (٢)، من مال الجامع المذكور، قيساريّة أخرى. فرغب النّاس في سكناها لوفور العمارة بذلك الخطّ.

قيساريّة ابن ميسّر الكبرى

هذه القيساريّة أدركتها بمدينة مصر في خطّ سويقة وردان وهي عامرة يباع بها القماش الجديد من الكتّان الأبيض والأزرق والطّرح، وتمضي تجّار القاهرة إليها في يومي الأحد والأربعاء لشراء الأصناف المذكورة.

وذكر ابن المتوّج أنّ لها خمسة أبواب وأنّها وقف، ثم وقعت الحوطة عليها فجرت في الدّيوان السّلطاني، وقصدوا بيعها مرارا فلم يقدر أحد على شرائها، وكان بها عمد رخام


(a) في المسودة: القيسارية بجوار الجامع الطولوني.
(b) بياض في المسودة وآياصوفيا.
(c) بولاق: فكمل.
(١) المقريزي: مسودة الخطط ٣٢ و.
(٢) القاضي جلال الدّين أبو الفضل عبد الرحمن بن عمر ابن رسلان البلقيني، المتوفى سنة ٨٢٤ هـ/ ١٤٢١ م. (انظر فيما تقدم ١٧٢ هـ ٢).