وكان الخليفة الآمر بأحكام اللّه تحدّثه نفسه بالسّفر إلى المشرق والغارة على بغداد، فأعدّ لذلك سروجا مجوّفة القرابيص، وبطّنها بصفائح من قصدير ليجعل فيها الماء، وجعل لها فما فيه صفّارة، فإذا دعت الحاجة إلى الماء شرب منه الفارس، وكان كلّ سرج منها يسع سبعة أرطال ماء. وعمل عدّة مخال للخيل من ديباج وقال في ذلك:
[الطويل]
دع اللّوم عنّي لست منّي بموثق … فلا بدّ لي من صدمة المتحقّق
وأسقي جيادي من فرات ودجلة … وأجمع شمل الدّين بعد التّفرّق (a) (١)
وأوّل من أركب المتصرّفين في دولته من خيوله بالمراكب الذّهب في المواسم، العزيز باللّه نزار بن المعزّ.
[خزائن الخيم]
قال في كتاب «الذّخائر»: وأخبرني سماء الرّؤساء أبو الحسن عليّ بن أحمد بن مدبّر، وزير ناصر الدّولة، قال: أخرج فيما أخرج من خزائن القصر عدّة لم تحص من أعدال الخيم والمضارب والفازات والمسطّحات والخركاوات والحصون والقصور والشّرّاعات والمشارع والفساطيط المعمولة من الدّبيقي والمخمل والخسرواني والدّيباج الملكي والأرمنيّ والبهنساوي والكردواني، والجيّد من الحلبي، وما أشبه ذلك من سائر ألوانه وأنواعه.
ومن السّندس والطّميم أيضا: منها المفيّل والمسبّع والمخيّل والمطوّس والمطيّر، وغير ذلك من سائر صور (b) الوحوش، والآدميين من سائر الأشكال والصّور البديعة الرائعة. ومنها السّاذج والمنقوش في ظاهره بغرائب النّقوش بجميع آلاتها، من الأعمدة الملبّسة أنابيب الفضّة، والثّياب المذهّبة وغير المذهّبة من سائر أنواعها وألوانها، والصّفريات الفضّة على أقدارها، والحيال الملبّسة القطن والحرير، والأوتاد وسائر ما يحتاج إليه من جميع آلاتها وعدّتها، المبطّن جميعها بالدّبيقي الطّميم المذهّب والخسرواني المذهّب، وثياب الحرير الصّيني والتّستري والمصمت (c)/ والرّاحتج (d)
(a) بولاق: تفرق، ابن ميسر: تمزق. (b) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: المضبب. (d) بولاق: الرجيح. (١) ابن ميسر: أخبار مصر ١١٢؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ١٣٢: ٣؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٩٦: ٤، وانظر فيما يلي ٢٩١: ٢.