بعده. وشاهدت آثار الخندق باقية، ومن ورائه سور بأبراج له عرض كبير مبني من حجارة (a)، إلاّ أنّ الخندق انطمّ، وتهدّمت الأسوار التي كانت من ورائه.
وهذا السّور هو الذي ذكره القاضي الفاضل في كتابه إلى السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، فقال: «واللّه يحيي المولى حتى يستدير بالبلدين نطاقه، ويمتدّ عليهما رواقه، فهما (b) عقيلة ما كان معصمها ليترك بغير سوار، ولا خصرها ليتحلّى بغير منطقة نضار. والآن قد استقرّت خواطر النّاس، وأمنوا به من يد تتخطّف، ومن طمع (c) مجرم يقدم ولا يتوقّف».
[ذكر أبواب القاهرة]
وكان للقاهرة من جهتها القبليّة بابان متلاصقان يقال لهما: بابا زويلة؛ ومن جهتها البحريّة بابان متباعدان: أحدهما باب الفتوح، والآخر باب النّصر؛ ومن جهتها الشّرقيّة ثلاثة أبواب متفرّقة: أحدها يعرف الآن بباب البرقيّة، والآخر بالباب الجديد، والآخر بالباب المحروق؛ ومن جهتها الغربيّة ثلاثة أبواب: باب القنطرة، وباب الفرج، وباب سعادة، وباب آخر يعرف بباب الخوخة. ولم تكن هذه الأبواب على ما هي عليه الآن، ولا في مكانها عند ما وضعها جوهر (١).
[باب زويلة]
[أثر رقم ١٩٩] كان بابا (d) زويلة، عند ما وضع القائد جوهر القاهرة، بابين متلاصقين بجوار المسجد المعروف اليوم بسام بن نوح، فلمّا قدم المعزّ إلى القاهرة دخل من أحدهما - وهو الملاصق للمسجد الذي بقي منه إلى اليوم عقد، ويعرف بباب القوس - فتيامن النّاس به، وصاروا يكثرون الدّخول والخروج منه، وهجروا الباب المجاور له، حتى جرى على الألسنة أنّ من مرّ به لا تقضي له حاجة.
(a) بولاق: بالحجارة. (b) بولاق: فما. (c) بولاق: يد. (d) بولاق: باب. (١) انظر عن أبواب القاهرة الأولى التي بناها القائد جوهر عند تأسيس المدينة Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.، pp. ١٥٢ - ٦٢؛ ومقال هنري كاسل كاي Kay، H.C.، «Al-Kahira and its Gates»، JRASXIV (١٨٨٢)، pp. ٢٢٩ - ٤٥.