وقد زال هذا الباب ولم يبق له اليوم أثر (a)، إلاّ أنّه يفضي إلى الموضع الذي يعرف اليوم بالحجّارين، حيث تباع آلات الطّرب من الطّنابير والعيدان ونحوها، وإلى الآن مشهور بين النّاس أنّ من سلك (b) من هنالك (c) لا تقضى حاجته (d)، ويقول بعضهم: من أجل أنّ هناك (e) آلات المنكر، وأهل البطالة من المغنّين والمغنّيات. وليس الأمر كما زعم، فإنّ هذا القول جار على ألسنة أهل القاهرة من حين دخل المعزّ إليها قبل أن يكون هذا الموضع سوقا للمعازف وموضعا لجلوس أصحاب الملاهي (f) (١).
فلمّا كان في سنة خمس وثمانين وأربع مائة، بنى أمير الجيوش بدر الجمالي، وزير الخليفة المستنصر باللّه، باب زويلة الكبير الذي هو باق إلى الآن وعلّى أبراجه (٢)، ولم يعمل له باشورة (٣) - كما هي عادة أبواب الحصون من أن يكون في كلّ باب عطفة (g) حتى لا تهجم عليه العساكر في وقت الحصار، ويتعذّر سوق الخيل ودخولها جملة - لكنّه عمل في بابه زلاّقة كبيرة من حجارة صوّان عظيمة، بحيث إذا هجم عسكر على القاهرة لا تثبت قوائم الخيل على الصّوّان. فلم تزل هذه الزّلاّقة باقية إلى أيام السّلطان الملك الكامل ناصر الدّين محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيّوب، فاتّفق مروره من هناك (h)، فاختلّ فرسه وزلق به/ وأحسبه سقط عنه، فأمر بنقضها فنقضت، وبقي منها شيء يسير ظاهر (٤).
(a) بولاق: أثر اليوم. (b) بولاق: يسلك. (c) بولاق: هناك. (d) بولاق: له حاجة. (e) بولاق: هنالك. (f) بولاق: أهل المعاصي. (g) بولاق: عطف. (h) بولاق: هنالك. (١) قارن ذلك مع المقريزي: مسودة المواعظ ٣٥١. (٢) عن باب زويلة الذي بناه أمير الجيوش بدر الجمالي وفرغ منه في سنة ٤٨٥ هـ/ ١٠٩٣ م، انظر، ابن ميسر: أخبار ٥١؛ النويري: نهاية ٢٣٨: ٢٨؛ المقريزي: اتعاظ Creswell، K.A.C.، MAEI، pp. ١٩٧ - ؛ ٣٢٧: ٢ ٢٠٥; Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.، pp. ٤٢٤ - ٣٠. وعن ضبط زويلة - لا زويلة - (انظر فيما يلي ٤: ٢). (٣) الباشورة، أحد أساليب الدفاع عن الحصون تعرف بالمداخل أو الأبواب المنكسرة، التي ينعطف فيها الداخل يمينا ويسارا مرّة أو عدّة مرّات، بغرض عرقلة هجوم من يحاول اقتحام الحصن أو القلعة وتجعل العدوّ هدفا سهلا للمدافعين. Creswell، K.A.C.، EMAII، p. ١١، id.، El ٢ art.) B?b I، p. ٨٥٤؛ فريد شافعي: العمارة العربية في مصر الإسلامية ٢٧٢: ١، ٤٣٣؛ Fu?d Sayyid، A.op.cit.، (p. ٣٩٧. (٤) هذا النّصّ نقله المقريزي عن ابن ميسّر: أخبار مصر ٥١، وانظر كذلك النويري: نهاية ٢٣٨: ٢٨؛ المقريزي: اتعاظ ٣٢٧: ٢.