وما زالت الحائط قائمة من الحجر في غاية الإتقان من إحكام الصّنعة وجودة البناء، عند سطح الجرف الذي يعرف اليوم بالرّصد، قائما من الأرض في طول الجرف إلى أعلاه؛ حتى هدمه الأمير يلبغا السّالمي في سنة اثنتي عشرة وثمان مائة، وأخذ ما كان به من الحجر فرمّ به القناطر التي تحمل إلى اليوم الماء حتى يصل إلى القلعة. وكانت تعرف بسواقي السّلطان، فلمّا هدمت جهل أكثر النّاس أمرها، ونسوا ذكرها (١).
[المطبخ]
كان أوّلا موضعه في مكان الجامع، فأدخله السّلطان الملك النّاصر محمد بن قلاوون فيما زاده في الجامع، وبنى هذا المطبخ الموجود الآن، وعمل عقوده بالحجارة، (a)) وكذلك جميع عماراته بالقلعة عمّرها كلّها بالحجر (a) خوفا من الحريق (٢).
وكانت أحوال المطبخ متّسعة جدا سيّما في سلطنة الأشرف خليل بن قلاوون، فإنّه تبسّط في المآكل وغيرها. حتى لقد ذكر جماعة من الأعيان أنّهم أقاموا مدّة سفرهم معه يرسلون كلّ يوم عشرين درهما، فيشتري لهم بها ممّا يأخذه الغلمان أربع خوافق صيني مملوءة طعاما مفتخرا بالقلوبات ونحوها، في كلّ خافقيّة ما ينيف على خمسة عشر رطل لحم، أو عشرة أطيار دجاج سمان.
وبلغ راتب الحوائج خاناه، في أيّام الملك العادل كتبغا، كلّ يوم عشرين ألف رطل لحم، وراتب البيوت والجرايات غير أرباب الرّواتب في كلّ يوم سبع مائة أردبّ قمحا.
واعتبر القاضي شرف الدّين عبد الوهّاب النّشو ناظر الخاصّ، أمر المطبخ السّلطاني في سنة تسع وثلاثين وسبع مائة/ فوجد عدّة الدّجاج الذي يذبح في كلّ يوم للسّماط، والمخافي (b) التي تخصّ السّلطان ويبعث منها (c) إلى الأمراء سبع مائة طائر، وبلغ مصروف الحوائج خاناه في كلّ
(a-a) إضافة من مسودة الخطط. (b) بولاق: المحاجي. (c) بولاق: بها. الغوري سنة ٩١٢ هـ/ ١٥٠٧ م. (ابن إياس: بدائع الزهور ١١٠: ٤؛ وانظر كذلك Creswell K.A.C.، MAE II، pp. ٢٥٥ - ٥٩؛ سعاد ماهر: «مجرى مياه فم الخليج»، المجلة التاريخية المصرية ٧ (١٩٥٨)، ١٣٤ - ١٥٧). (١) المقريزي: مسودة الخطط ٦٨ و- ظ. (٢) نفسه ٦٩ و.