وعرفت الآن بقنطرة السّدّ من أجل أنّ النّيل لمّا انحسر عن الجانب الشّرقي، وانكشفت الأراضي التي عليها الآن خطّ بين الزّقاقين إلى موردة الحلفاء، وموضع الجامع الجديد إلى دار النّحاس، وما وراء هذه الأماكن إلى المراغة وباب مصر بجوار الكبارة، وانكشف من أراضي النّيل أيضا الموضع الذي يعرف اليوم بمنشأة المهراني، صار ماء النّيل إذا بدت زيادته يجعل عند هذه القنطرة سدّا من التراب حتى يسند الماء إليه إلى أن تنتهي الزّيادة إلى ستّ عشرة ذراعا، فيفتح السّدّ حينئذ، ويمرّ الماء في الخليج الكبير، كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب، والأمر على هذا إلى اليوم.
قناطر السّباع (١)
هذه القناطر جانبها الذي يلي خطّ السّبع سقايات من جهة الحمراء القصوى، وجانبها الآخر من جهة جنان الزّهري. وأوّل من أنشأها الملك الظّاهر ركن الدّين بيبرس البندقداري، ونصب عليها سباعا من الحجارة - فإنّ رنكه (٢) كان على شكل سبع - فقيل لها «قناطر السّباع» من أجل ذلك، وكانت عالية مرتفعة.
(١) قناطر السّباع، وسمّاها ابن دقماق في الانتصار (٢١: ٩١: ٤) «القنطرة الظّاهرية». كانت تحدّد حدّ ولاية مصر من القاهرة. وصفها جومار - في نهاية القرن الثامن عشر - بأنّها مكوّنة من قنطرتين: واحدة متعامدة على الخليج وتفتح في مواجهة مسجد السّيّدة زينب، والأخرى مائلة عليه وأكثر عرضا وتفضي إلى الشارع المؤدي إلى القلعة، أي شارع عبد المجيد اللّبّان الآن [U-١٢، ١٣، ١٦٢; U-١٢، ١٦٠]. (وصف مدينة القاهرة ١٦٧). وظلّت قناطر السّباع قائمة إلى نهاية القرن التاسع عشر، يقول محمد رمزي: «هذه القنطرة كانت موجودة على الخليج المصري ومعروفة كما شاهدتها باسم «قنطرة السّيّدة زينب»، وكانت تتكوّن من قنطرتين: إحداهما توصّل بين شارع الكومي (امتداد شارع خيرت الآن) وبين شارع السّدّ، والثانية كانت توصّل بين شارع مراسينا (عبد المجيد اللّبّان الآن) وبين شارع الكومي»، ومع ردم الجزء الأوسط من الخليج سنة ١٨٩٨ اختفت هذه القنطرة تحت ميدان السّيّدة زينب الذي دخل فيه جزء من شارع الكومي وجزء آخر من شارع مراسينا. (ابن شدّاد: تاريخ الملك الظاهر ٣٤٩؛ المقريزي: السلوك ٦٣٩: ١؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٩١: ٧ هـ ٥؛ جومار: وصف مدينة القاهرة وقلعة الجبل ١٦٦ - ١٦٧؛ Creswell، K.A.C.، (MAEII، p. ١٥٣.