للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر مذاهب أهل مصر ونحلهم منذ افتتح عمرو بن العاص أرض مصر إلى أن صاروا إلى اعتقاد مذاهب الأئمّة الأربعة (a) رحمهم اللّه تعالى وما كان من الأحداث في ذلك

اعلم أنّ اللّه ﷿ لمّا بعث «نبيّنا محمّدا» رسولا إلى كافّة النّاس جميعا - عربهم وعجمهم - وهم كلّهم أهل شرك وعبادة لغير اللّه تعالى إلاّ بقايا من أهل الكتاب، كان من أمره مع قريش ما كان حتى هاجر من مكّة إلى المدينة. فكانت الصّحابة - رضوان اللّه عليهم - حوله يجتمعون إليه في كلّ وقت مع ما كانوا فيه من ضنك المعيشة وقلّة القوت.

فمنهم من كان يحترف في الأسواق، ومنهم من كان يقوم على نخله، ويحضر رسول اللّه في كلّ وقت منهم طائفة عند ما يجد أدنى فراغ ممّا هم بسبيله من طلب القوت. فإذا سئل رسول اللّه عن مسألة أو حكم بحكم، أو أمر بشيء، أو فعل شيئا، وعاه من حضر عنده من الصّحابة، وفات من غاب عنه علم ذلك، ألا ترى أنّ عمر بن الخطّاب قد خفي عليه/ ما عمله جمل بن مالك بن النّابغة - رجل من الأعراب من هذيل - في دية الجنين، وخفي عليه؟

وكان يفتي في زمن النّبيّ من الصّحابة: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وعبد الرّحمن ابن عوف ومعاذ بن جبل وعمّار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت وأبو الدّرداء وأبو موسى الأشعري وسلمان الفارسي، .

فلمّا مات رسول اللّه ، واستخلف «أبو بكر الصّدّيق» تفرّقت الصّحابة : فمنهم من خرج لقتال مسيلمة وأهل الرّدّة، ومنهم من خرج لجهاد (b) أهل الشّام، ومنهم من خرج لقتال أهل العراق، وبقي من الصّحابة بالمدينة مع أبي بكر عدّة. فكانت القضيّة إذا نزلت بأبي بكر قضى فيها بما عنده من العلم بكتاب اللّه أو سنّة رسول اللّه ، فإن لم يكن عنده فيها علم من كتاب اللّه ولا


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: لقتال.