للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر المساجد والمعابد التي بالجبل والصّحراء

وكان بجبل المقطّم وبالصّحراء - التي تعرف اليوم بالقرافة الصّغرى - عدّة مساجد وعدّة مغاير ينقطع العبّاد بها، منها ما قد دثر، ومنه شيء قد بقي أثره.

التّنّور (a)

هذا المسجد في أعلى جبل المقطّم من وراء قلعة الجبل في شرقيها أدركته عامرا، وفيه من يقيم به.

قال القضاعيّ: المسجد المعروف بالتّنّور بالجبل، هو موضع تنّور فرعون. كان يوقد له عليه (b)، فإذا رأوا النار علموا بركوبه، فاتّخذوا له ما يريد، وكذلك إذا ركب منصرفا من عين شمس. ثم بناه أحمد بن طولون مسجدا في صفر سنة تسع وخمسين ومائتين. ووجدت في كتاب قديم أن يهوذا بن يعقوب، أخا يوسف لمّا دخل مع إخوته على يوسف، وجرى من أمر الصّواع ما جرى، تأخّر عن إخوته، وأقام في ذروة الجبل المقطّم في هذا المكان، وكان مقابلا لتنّور فرعون الذي كان يوقد له فيه النار.

ثم خلا ذلك الموضع إلى زمن أحمد بن طولون، فأخبر بفضل الموضع، وبمقام يهوذا فيه، فابتنى فيه هذا المسجد والمنارة التي فيه، وجعل فيه صهريجا فيه الماء، وجعل الإنفاق عليه ممّا وقفه على البيمارستان بمصر والعين التي بالمعافر (c) وغير ذلك.

ويقال: إنّ تنّور فرعون لم يزل في هذا الموضع بحاله، إلى أن خرج إليه قائد من قوّاد أحمد ابن طولون، يقال له وصيف قاطرميز (d)، فهدمه وحفر تحته، وقدّر أنّ تحته مالا، فلم يجد فيه شيئا، وزال رسم التّنّور وذهب (١).


(a) بولاق: مسجد التنور.
(b) في مرشد الزوار: كان يوقد عليه بالطرفاء واللبان والصّندل ليرفع عن أهل مصر الوباء.
(c) بولاق: المغافر.
(d) ولاة مصر (٢٦٨، ٢٦٩): وصيف القطرميز.
(١) الموفق بن عثمان: مرشد الزوار ١٩ - ٢٠؛ ابن الزيات: الكواكب السيارة ١٣ - ١٤.