هذه الدّار بخطّ الخرّاطين، في داخل الدّرب الذي كان يعرف بخربة صالح، كان موضعها وما حولها في الدّولة الفاطمية مارستانا. وأنشأ هذه الدّار الأمير طينال أحد مماليك النّاصر محمد ابن قلاوون، أقامه ساقيا ثم عمله حاجبا صغيرا، ثم أعطاه إمرة أركتمر (a)، وجعله أمير مائة مقدّم ألف، فباشر ذلك مدّة؛ ثم أخرجه لنيابة طرابلس فأقام بها زمانا، ثم نقله إلى نيابة صفد، فمات بها في ثالث شهر ربيع سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة (١).
وكان تتريّ الجنس، قصيرا إلى الغاية، مليح الوجه، مشكورا في أحكامه، محبّا لجمع المال شحيحا. وهذه الدّار تشتمل على قاعتين (b) متجاورتين، وهي من الدّور الجليلة. ولطينال أيضا قيسارية بسويقة أمير الجيوش.
[دار الهرماس]
هذه الدّار كانت بجوار الجامع الحاكمي من قبليه، شارعة في رحبة الجامع، على يسرة من يمرّ إلى باب النّصر؛ عمّرها الشّيخ قطب الدّين محمد بن (c) المقدسي، المعروف بالهرماس (٢)، وسكنها مدّة. وكان أثيرا عند السّلطان الملك النّاصر حسن بن محمد ابن قلاوون، له فيه اعتقاد كبير. فعظم عند النّاس قدره، واشتهر فيما بينهم ذكره، إلى أن دبّت بينه وبين الشّيخ شمس الدّين محمد بن النّقّاش عقارب الحسد، فسعى به عند السّلطان إلى أن تغيّر عليه وأبعده (٣).
(a) بولاق: دكتمر. (b) بولاق: قائمتين. (c) بياض في نسخة باريس. (١) الأمير سيف الدّين طينال الأشرفي الحاجب، ذكر المقريزي في المقفى أنه كان من مماليك الأشرف خليل لا من مماليك أخيه الناصر محمد. (راجع، الصفدي: أعيان العصر ٦٣٠: ٢ - ٦٣٣، الوافي ٥١٦: ١٦؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٤٢: ٣؛ المقريزي: المقفى ٧: ٤ - ٩؛ ابن حجر: الدرر ٣٣٤: ٢؛ أبا المحاسن: النجوم ١٠٣: ١٠). (٢) الشيخ قطب الدّين أبو عبد اللّه محمد بن محمود بن هرماس بن ماضي بن أبي اللّيث المقدسي الشافعي المعروف بالهرماس، المتوفى سنة ٧٦٩ هـ/ ١٣٦٧ م. (المقريزي: السلوك ١٦٨: ٣؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٢١: ٥؛ أبو المحاسن: الدليل الشافي ٧٠٥: ٢). (٣) أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٣: ١١ - ١٤.