عينه عليه قال: يا مولانا لمن تركت أعداءك - يعني الوزير المأمون بن البطائحي وأخاه، وكان الآمر قد قبض عليهما واعتقلهما - وهذا والعهد قريب غير بعيد، أأمنت الغدر؟ فما أجابه إلاّ وهو على الرّهاويج من الخيل. فلم تمض ساعة إلاّ وهو بالقصر، فمضى إلى مكان اعتقال المأمون وأخيه، فزادهما وثاقا وحراسة.
وفي أثناء ذلك وصل ابن نجيب الدّولة (١) الذي كان سيّره المأمون في وزارته إلى اليمن، ليحقّق (a) نسبه أنّه ولد من جارية نزار بن المستنصر لمّا خرجت من القصر وهي به حامل، ويدعو إليه بقيّة النّاس. وأحضر إلى القاهرة على جمل مشّوه به (b)، فأدخل خزانة البنود، وقتل هو والمأمون وجماعة في تلك الليلة وصلبوا ظاهر القاهرة (٢).
بركة الجبّ
بظاهر القاهرة من بحريها، وتسمّيها العامّة في زمننا هذا الذي نحن فيه «بركة الحاج»، لنزول الحجّاج بها عند مسيرهم من القاهرة إلى الحجّ في كلّ سنة، ونزولهم عند العود بها، ومنها يدخلون إلى القاهرة (٣).
ومن النّاس من يقول: جبّ يوسف، وهو خطأ، وإنّما هي أرض جبّ عميرة. وعميرة هذا هو ابن تميم بن جزء التّجيبي من بني القرناء، نسبت هذه الأرض إليه، فقيل لها:«أرض جبّ عميرة»، ذكره ابن يونس.
(a) بولاق: لتحقيق (b) بولاق: مشوه. (١) انظر عن علي بن نجيب الدولة ومهمته في اليمن، عمارة اليمني: تاريخ اليمن ٧٥ - ٨٠؛ عماد الدين إدريس: عيون الأخبار ٢٣٩: ٧ - ٢٤٣؛ أيمن فؤاد: تاريخ المذاهب الدينية في بلاد اليمن ١٦٠ - ١٦٤. (٢) ابن الطوير: نزهة المقلتين ١٨ - ١٩؛ ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك - خ ٢٠٧: ١ ظ - ٢٠٨ و؛ المقريزي: اتعاظ ١٢١: ٣ - ١٢٢. (٣) بركة الجب أو بركة الحاج. محلها اليوم القرية التي تعرف باسم البركة من قرى مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية في الشمال الشرقي من القاهرة شرقي محطة المرج وبالقرب منها. عرفت قديما بجبّ عميرة نسبة إلى عميرة بن تميم التجيبي صاحب الجب المعروف باسمه في الموضع الذي يبرز إليه الحجاج عند خروجهم من مصر إلى مكة. (أبو المحاسن: النجوم ١٨: ٥ هـ ١؛ المسبحي: أخبار مصر ٦٩ هـ ١، وفيما يلي ١٦٣: ٢).