ولمّا ولي عبيد اللّه بن الحبحاب خراج مصر لهشام بن عبد الملك، خرج بنفسه فمسح أرض مصر كلّها - عامرها وغامرها، ممّا يركبه النّيل - فوجد فيها مائة ألف ألف فدّان، (a)) ويقال إن أحمد بن مدبّر اعتبر ما يصلح للزراعة بأرض مصر فوجده أربعة وعشرين ألف ألف فدان (a)، والباقي استبحر وتلف؛ واعتبر مدّة الحرث فوجدها ستين يوما، والحرّاث يحرث خمسين فدّانا، فكانت (b) محتاجة إلى أربع مائة ألف وثمانين ألف حرّاث.
ذكر مقدار خراج مصر في الزّمن الأوّل
قال ابن وصيف شاه: وكان منقاوس قسم خراج البلاد أرباعا: فربع للملك خاصّة يعمل فيه ما يريد، وربع ينفق في مصالح الأرض وما تحتاج إليه من عمل الجسور وحفر الخلج وتقوية أهلها على العمارة، وربع يدفن لحادثة تحدث أو نازلة تنزل، وربع للجند. وكان خراج البلد ذلك الوقت مائة ألف ألف وثلاثة آلاف ألف دينار، وقسمها على مائة وثلاث كور بعدة الآلاف (١) - ويقال إنّ كلّ دينار عشرة مثاقيل من مثاقيلنا الإسلامية - وهي اليوم خمس وثمانون كورة: أسفل الأرض خمس وأربعون كورة، والصّعيد أربعون كورة. وفي كلّ كورة كاهن يدبّرها، وصاحب حرب (٢).
وارتفع مال البلد على يد تدارس بن صا مائة ألف ألف دينار وخمسين ألف ألف دينار، وفي أيام كلكن بن خربتّا بن ماليق بن تدارس مائة ألف ألف دينار وبضعة عشر ألف ألف دينار (٣).
ولمّا زالت دولة القبط الأولى من مصر، وملكها العمالقة، اختلّ أمرها. وكان فرعون الأوّل يجبيها تسعين ألف ألف دينار، يخرج من ذلك عشرة آلاف ألف دينار لمصالح البلد، وعشرة آلاف ألف دينار لمصالح النّاس - من أولاد الملوك، وأهل التّعفّف - وعشرة آلاف ألف دينار لأولياء الأمر والجند والكتّاب، وعشرة آلاف ألف دينار لمصالح فرعون، ويكنزون لفرعون خمسين ألف ألف دينار.
(a-a)) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: وكانت. (١) النويري: نهاية الأرب ٦٦: ٥ عن ابن وصيف شاه. (٢) كلّ النص المنسوب إلى ابن وصيف شاه موجود عند المسعودي: أخبار الزمان ١٧١ - ١٧٢. (٣) المسعودي: أخبار الزمان ١٨٦؛ النويري: نهاية الأرب ٩٤: ١٥ عن ابن وصيف شاه، وفيما تقدم ١٨٧.