للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلّى اللّه على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم

الحمد للّه الذي عرّف وفهّم وعلّم الإنسان ما لم يكن يعلم، وأسبغ على عباده نعما ظاهرة وباطنة (a) ، ووالى عليهم من مزيد آلائه مننا متظافرة متواترة، وبثّهم في أرضه حينا يتقلّبون، واستخلفهم في ماله فهم به يتنعّمون. وهدى قوما إلى اقتناص شوارد المعارف والعلوم، وشوّقهم للتّفنّن في مسارح التّدبّر والرّكض بميادين الفهوم، وأرشد قوما إلى الانقطاع من دون الخلق إليه، ووفّقهم للاعتماد في كلّ أمر عليه. وصرف آخرين عن كلّ مكرمة وفضيلة، وقيّض لهم قرناء قادوهم إلى كلّ ذميمة من الأخلاق ورذيلة. وطبع على قلوب آخرين فلا يكادون يفقهون قولا، وثبّطهم عن سبل الخيرات فما استطاعوا قوّة ولا حولا. ثم حكم على الكلّ بالفناء، ونقلهم جميعا من دار التّمحيص والابتلاء، إلى برزخ البيود والبلاء، وسيحشرهم أجمعين إلى دار الجزاء، ليوفيّ كلّ عامل منهم عمله، ويسأله عمّا أعطاه وخوّله، وعن موقفه بين يديه سبحانه وما أعدّ له، ﴿لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ﴾ [الآية ٢٣ سورة الأنبياء].

أحمده سبحانه حمد من علم أنّه إله لا يعبد إلاّ إيّاه، ولا خالق للخلق سواه، حمدا يقتضي المزيد من النّعماء، ويوالي المنن بتجدّد الآلاء.

وصلّى اللّه على سيّدنا محمد عبده ورسوله، ونبيّه وخليله، سيّد البشر، وأفضل من مضى وعبر، الجامع المحاسن الأخلاق والسّير، والمستحق لاسم الكمال على الإطلاق من البشر، الذي كان نبيّا وآدم بين الماء والطّين، ورقم اسمه من الأزل في علّيين، ثم تنقّل من الأصلاب الفاخرة الزكية إلى الأرحام الطّاهرة المرضيّة، حتى بعثه اللّه ﷿ إلى الخلائق أجمعين، وختم به الأنبياء والمرسلين، وأعطاه ما لم يعط من الفضل (b) أحدا من العالمين، وعلى آله وصحابته والتّابعين، وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين.


(a) بولاق: باطنة وظاهرة.
(b) ساقطة من بولاق.