ويعبر ماء النّيل إلى هذه البركة أيضا من الخليج الكبير من تحت قنطرة تعرف قديما وحديثا بالمجنونة (١)، وهي الآن لا تشبه القناطر، وكأنّها سرب يعبر منه الماء، وفوقه بقيّة عقد من ناحية الخليج، كان قد عقده الأمير الطّبرس (a) وبنى فوقه متنزّها، فقال فيه علم الدّين ابن الصّاحب:
[الكامل]
ولقد عجبت من الطّبرس وصحبه … وعقولهم بعقوده مفتونة
عقدوا عقودا لا تصحّ لأنّهم … عقدوا لمجنون على مجنونة
وكان الطّبرس (a) هذا يعتريه الجنون، واتّفق أنّ هذا العقد لم يصحّ وهدم، وآثاره باقية إلى اليوم.
بركة الشّقاف
هذه البركة في برّ الخليج الغربي بجوار اللّوق، وعليها الجامع المعروف بجامع الطّبّاخ في خطّ باب اللّوق (٢). وكانت هذه البركة من جملة أراضي الزّهري - كما ذكر في حكر الزّهري عند ذكر الأحكار (٣) - وكان عليها في القديم عدّة مناظر منها منظرة الأمير جمال الدّين موسى ابن يغمور، وذلك أيّام كانت أراضي اللّوق مواضع نزهة، قبل أن تحكر (b) وتبنى دورا، وذلك بعد سنة ستّ مائة.
(a) بولاق: الطيبرس. (b) بولاق: تحتكر. (١) قنطرة المجنونة. كانت بالقرب من بستان أبي اليمن قبالة بستان المخاريق الصغرى بعدوة الخليج. (٢) حاشية بخطّ المؤلّف: «ثم عرفت هذه البركة ببركة النّخيلة وببركة الفرّائين من أجل دبغ الفراء فيها». أقول: ما زال موقع جامع الطّبّاخ معروفا في الطرف الجنوبي الغربي لمبنى محافظة القاهرة مطلاّ على شارع علي ذو الفقار (الصّنافيري سابقا) وميدان باب اللوق (عبد السلام عارف الآن)، وورد ذكر البركة على خريطة القاهرة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية باسم «بركة الفرّائين» N-١٣،) (٩٩. وظلّت البركة قائمة حتى ردمت في زمن الخديو إسماعيل. ويشغل مكانها الآن جزء من مبنى محافظة القاهرة خلف جامع الطباخ ويمتد جنوبا إلى ميدان عابدين. (٣) فيما تقدم ٣٧٨.