هذا السّوق من الأسواق القديمة، وكان يعرف في القديم أيّام الخلفاء الفاطميين بسوق أمير الجيوش. وذلك أنّ أمير الجيوش بدر الجمالي لمّا قدم إلى مصر في زمن الخليفة المستنصر - وقد كانت الشّدّة العظمى - بنى بحارة برجوان الدّار التي عرفت بدار المظفّر (١)، وأقام هذا السّوق برأس حارة برجوان.
قال ابن عبد الظّاهر: والسّويقة المعروفة بأمير الجيوش معروفة بأمير الجيوش بدر الجمالي وزير الخليفة المستنصر، وهى من باب حارة برجوان (a) إلى قريب الجامع الحاكمي (٢). وهكذا تشهد مكاتيب دور حارة برجوان القديمة، فإنّ فيها:«والحدّ القبلي ينتهي إلى سويقة أمير الجيوش»، وسوق حارة برجوان هو في الحدّ القبلي من حارة برجوان.
وأدركت سوق حارة برجوان أعظم أسواق القاهرة، ما برحنا ونحن شباب نفاخر بحارة برجوان سكّان جميع حارات القاهرة، فنقول: بحارة برجوان حمّامان (نعني حمّامي الرّومي وحمّام سويد، فإنّه كان يدخل إليها من داخل الحارة)(٣) وبها فرنان، ولها السّوق الذي لا يحتاج ساكنها إلى غيره.
وكان هذا السّوق من سوق خان الرّوّاسين إلى سوق الشّمّاعين معمور الجانبين بالعدّة الوافرة من بيّاعي لحم الضّأن السّليخ، وبيّاعي اللّحم/ السّميط، وبيّاعي اللّحم البقري. وبه عدّة كثيرة من الزّيّاتين، وكثير من الجبّانين والخبّازين واللّبّانين والطّبّاخين والشّوّائين والبواردية (٤) والعطّارين
(a) في النجوم الزاهرة: باب حارة بهاء الدين قراقوش. (١) انظر فيما تقدم ١٧٣ - ١٧٤. (٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٦٦؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٩: ٤ وذكراها كلاهما باسم: قيسارية أمير الجيوش، وأضاف أبو المحاسن: «المعروفة الآن بسوق مرجوش»، وهو نفس الاسم الذي يطلقه العامّة الآن على شارع أمير الجيوش. وأضاف ابن عبد الظاهر، وعنه أبو المحاسن، نقلا عن كتاب «أساس السّياسة» لابن أبي منصور علي بن ظافر الأزدي، أنّه كان في موضعها دار تعرف بدار القبّاني، ودور قوم يعرفون ببني هريسة. وأعاد المقريزي الحديث عن السوق تحت اسم «سويقة أمير الجيوش فيما يلي ٣٣٤ - ٣٣٥، وانظر أيضا المقريزي: مسودة الخطط ٣٩ و. (٣) فيما تقدم ٢٧١، ٢٧٣. (٤) أي بائعو الطّرشي أو المخلّلات.