للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[القرافة]

كانت جبّانة مصر الفسطاط حتى منتصف القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي تمتدّ شرق المدينة في سفح جبل المقطّم. وكان أقدم أجزائها يقع بين مسجد الفتح وسفح المقطّم (فيما يلي ٨٥٠)، ويشتمل هذا الجزء المناطق المعروفة الآن ببطن البقرة وجبّانة سيدي عقبة بن عامر والتّونسي وقسم من البساتين. وهذه المنطقة هي التي تعرف في المصادر ب «القرافة الكبرى». ولم تحتو المنطقة المحصورة بين قبّة الإمام الشّافعي وسفح المقطّم شمال القرافة الكبرى على مقابر إلاّ بعد أن دفن السّلطان الكامل محمد الأيّوبي ابنه بجوار قبر الإمام الشّافعي في سنة ٦٠٨ هـ/ ١٢١١ م وبنى القبّة الكبيرة الموجودة الآن على ضريح الإمام الشّافعي (فيما يلي ٨٥١، ٩١١)، فبدأ النّاس ينقلون أبنيتهم من القرافة الكبرى إلى هناك وأنشأوا بها التّرب وعرفت في المصادر ب «القرافة الصّغرى». وفي زمن النّاصر محمد بن قلاوون في النّصف الأوّل للقرن الثّامن الهجري/ الرّابع عشر الميلادي، استجدّ الأمراء المماليك تربا بين قبّة الإمام الشّافعي وباب القرافة حتى صارت العمارة متّصلة من بركة الحبش جنوبا إلى باب القرافة شمالا (فيما يلي ٨٥١).

ووجدت جبّانة أخرى يرجع تأسيسها إلى القرن الثّاني الهجري مع مدينة العسكر، كانت تمتدّ على حدود الطّرف الشّمالي لمصر الفسطاط وتغطّي المنطقة التي تقع الآن جنوب غرب باب القرافة وحتى عين الصّيرة.

ومع بداية القرن الثّالث وجدت جبّانة ثالثة عند سفح المقطّم في المنطقة التي يقع فيها الآن ضريح عمر بن الفارض، والتي كانت تعرف قديما ب «مدافن محمود».

وفي مطلع القرن الرابع الهجري طرأت ظاهرة جديدة حيث وجد حيّ عمرانيّ استمدّ اسمه من «بني قرافة»، أحد بطون قبيلة المعافر، فإلى هذه القبيلة ينسب مجموع جبّانات القاهرة التي عرفت جميعها ب «القرافة» (فيما يلي ٨٤٨). وبناء على ذلك فقد ذكر ابن جبير وابن سعيد المغربي أنّهما باتا بالقرافة ليالي كثيرة، وأضاف ابن سعيد أنّ بها «قبورا عليها مبان معتنى بها … وتربا


= ديفيد جيمس في مقاله James، D.، «Some Observations on the Calligrapher and Ill uminators of the Koran of Rukn al-Din Baybars al-Jashnagir»، MuqarnasL ٢ II (١٩٨٤)، pp. ١٤٧ - ٥٧.