اعلم أنّ الذين ولوا أرض مصر في الملّة الإسلامية على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل - من ولي بفسطاط مصر منذ فتح اللّه تعالى أرض مصر على أيدي العرب أصحاب رسول اللّه ﷺ ورضي عنهم وتابعيهم، فصارت دار إسلام، إلى أن قدم القائد أبو الحسين جوهر من بلاد إفريقيّة بعساكر مولاه المعزّ لدين اللّه أبي تميم معدّ، وبنى القاهرة. وهؤلاء يقال لهم «أمراء مصر»، ومدّتهم ثلاث مائة وسبع وثلاثون سنة وسبعة أشهر وستة عشر يوما:
أوّلها يوم الجمعة مستهلّ المحرّم سنة عشرين من الهجرة، وآخرها يوم الاثنين سادس عشر شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. وعدّة هؤلاء الأمراء مائة واثنا عشر أميرا.
والقسم الثّاني - من ولي بالقاهرة منذ بنيت إلى أن مات الإمام العاضد لدين اللّه أبو محمد عبد اللّه. وهؤلاء يقال لهم «الخلفاء الفاطميّون»، ومدّتهم بمصر مائتا سنة وثماني سنين وأربعة أشهر واثنان وعشرون يوما: أوّلها يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة، وآخرها يوم الأحد عاشر المحرّم سنة سبع وستين وخمس مائة. وعدّة هؤلاء الخلفاء أحد عشر خليفة.
والقسم الثّالث - من ملك مصر بعد موت العاضد إلى وقتنا هذا الذي نحن فيه، ويقال لهم «الملوك والسّلاطين»، وهم ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: ملوك بني أيّوب، وهم أكراد. والقسم الثّاني: البحريّة وأولادهم، وهم مماليك أتراك لبني أيّوب. والقسم الثّالث: مماليك أولاد البحريّة، وهم جراكسة.
وقد تقدّم في هذا الكتاب ذكر الأمراء والخلفاء (١). وستقف إن شاء اللّه تعالى على ذكر من ملك من الأكراد والأتراك والجراكسة وتعرف أخبارهم على ما شرطنا من الاختصار. إذ قد
(١) انظر فيما تقدم ٤٠: ٢ - ٥٦، ٥٩ - ٨٠، ٨٣ - ١٠٤، ١٨٣ - ٢٠٦. وقد خصّص المقريزي لذكر أمراء مصر الذين ولوا الفسطاط والعسكر والقطائع كتابه «عقد جواهر الأسفاط من أخبار مدينة الفسطاط»، وهو كتاب مفقود الآن (فيما تقدم ٢١٢: ٢؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٤: ١، السلوك -