ذكر قبط مصر ودياناتهم القديمة وكيف تنصرّوا ثم صاروا ذمّة للمسلمين، وما كان لهم في ذلك من القصص والأنباء وذكر الخبر عن كنائسهم ودياراتهم وكيف كان ابتداؤها ومصير أمرها (١)
اعلم أنّ جميع أهل الشّرائع، أتباع الأنبياء ﵈ من المسلمين واليهود والنصارى، قد أجمعوا على أنّ نوحا ﵇ هو الأب الثاني للبشر، وأنّ العقب من آدم ﵇ انحصر فيه، ومنه ذرأ اللّه تعالى جميع أولاد آدم، فليس أحدا من بني آدم إلاّ وهو من أولاد نوح.
وخالفت القبط والمجوس وأهل الهند والصّين ذلك، فأنكروا الطوفان، وزعم بعضهم أنّ الطوفان إنّما حدث في إقليم بابل وما وراءه من البلاد الغربية فقط، وأنّ أولاد كيومرت - الذي هو عندهم الإنسان الأوّل (٢) - كانوا بالبلاد الشّرقية من بابل، فلم يصل الطوفان إليهم ولا إلى الهند والصّين.
والحقّ ما عليه أهل الشّرائع، وأنّ نوحا ﵇ لمّا أنجاه اللّه ومن معه بالسّفينة نزل بهم - وهم ثمانون رجلا سوى أولاده - فماتوا بعد ذلك ولم يعقبوا، وصار العقب من نوح في أولاده الثلاثة، ويؤيّد هذا قول اللّه تعالى عن نوح: ﴿وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ اَلْباقِينَ﴾ [الآية ٧٧ سورة الصافات](٣).
(١) نشر هذا الفصل مع ترجمة ألمانية المستشرق الألماني فرديناند وستنفلد بعنوان Wustenfeld، F.، Macrizi's Geschichte der Capten، Gottingen ١٨٤٧ [reedition par Hildesheim، New York: Olms ١٩٧٩] Gotha اعتمادا على نسختي مكتبة غوطا Gotha بألمانيا ومكتبة فيينا Wien بالنمسا، وذلك قبل صدور طبعة بولاق. ونقله إلى الإنجليزية مالان بعنوان Malan، S.C.، A Short History of the Coptes and their Church Transleted from the Arabic of Taqi-ed-Din el-.Maqrizi، London ١٨٧٣ كما نشره، نقلا عن طبعة بولاق، مينا إسكندر المحامي في القاهرة سنة ١٨٩٨ على نفقة جمعية التّوفيق القبطية بعنوان: «القول الإبريزي للعلاّمة المقريزي»؛ ثم نشره مؤخّرا عبد المجيد دياب بعنوان: «تاريخ الأقباط المعروف بالقول الإبريزي للعلامة المقريزي»، القاهرة - دار الفضيلة ١٩٩٨ اعتمادا على نشرة مينا إسكندر ومقابلا بنسخة الخطط المحفوظة في مكتبة طلعت بدار الكتب المصرية تحت رقم ٤٧٩ جغرافيا. (٢) المسعودي: مروج الذهب ٢٦٠: ١ - ٢٦٢، ٢٧٩. (٣) نفسه ٤٤: ١.