والأوحدي. وخير مثال على مهارة المقريزي في استخدام مصادره والتّوفيق بينها الفصل الذي أفرده لأهرامات مصر (فيما يلي ٣٠٠ - ٣٣١) حيث يشير فيه المقريزي إلى أكثر من عشرين مؤلّفا بخلاف من استشهد بهم من الشّعراء.
وسأقصر حديثي في هذه المقدّمة على المصادر التي استخدمها المقريزي في كتابة المجلّد الأوّل من الكتاب الذي ننشره اليوم، وسأخصّص في مقدّمة كلّ جزء تال دراسة لمصادر هذا الجزء.
مصادر المجلّد الأوّل
يشتمل المجلّد الأوّل من «المواعظ والاعتبار» - الذي ننشره اليوم - على الجزأين الأوّلين من أجزاء الكتاب السّبعة التي أشار إليها المقريزي في مقدّمته (فيما يلي ٨)، وهما:«جمل أخبار أرض مصر وأحوال نيلها وخراجها وجبالها» ويستغرق الصّفحات من ١١ - ٣٤٦، و «مدائن أرض مصر» ويستغرق الصّفحات من ٣٤٧ - ٦٧٦، وينتهي هذا المجلّد بذكر «تأريخ الخليقة» من ٦٧٧ - ٧٧٢.
ويحتوي الجزء الأوّل على مقدّمة جغرافية مركّزة تحدّد محلّ مصر من الأرض، وتعيّن حدودها الطّبيعية، لم يحدّد فيها المقريزي مصادره بوضوح، وإن كان أشار فيها في مواضع متفرّقة إلى مؤلّفات محمد بن موسى الخوارزمي (فيما يلي ٢١) وأبي زيد أحمد بن سهل البلخي (فيما يلي ٤، ٣١٢)، كما تتّفق بعض نصوصه مع ما ورد في مقدّمة ياقوت الحموي لكتابه الجامع «معجم البلدان»، وهو من مصادره في المجلّد الثالث. واعتمد المقريزي في تعيين المسافات ووصف الطّرق بين المدن والأقاليم على كتاب «المسالك والممالك» لأبي القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه بن خرداذبه المتوفي حوالي عام ٣٠٠ هـ/ ٩١٢ م (١)، وهو أوّل مصنّف يصل إلينا في الجغرافيا الوصفية، واعتمد في مواضع أخرى على كتاب «صورة الأرض» أو «المسالك والممالك» لأبي القاسم محمد بن حوقل المتوفى سنة ٣٨٠ هـ/ ٩٩٠٠ هـ عند وصفه بعض العمائر وسمّاه أحيانا الحوقلي (٢).
(١) راجع كراتشكوفسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي ١٦٧ - ١٧١؛ Hadj-Sadok، M.، El ٢? art.Ibn Khurradadhbih III، p. ٨٦٣. (٢) راجع، كراتشكوفسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي ٢١٦ - ٢٢٢، Miquel، A.، El ٢? art.Ibn Hawkal lll، pp. ٨١٠ - ١١.