للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب. ثم جاءه الوحي بأن يمضي إلى دمشق، فسار إليها، وصحب إليسع بن شافات (a) - ويقال بن حظور - فصار تلميذه. فخرج من أريحا ومعه إليسع حتى وقف على الأردن، فنزع رداءه ولفّه، وضرب به ماء الأردن، فافترق الماء عن جانبيه وصار طريقا.

فقال إلياس حينئذ لإليسع: اسأل ما شئت قبل أن يحال بيني وبينك، فقال إليسع: أسأل أن يكون روحك فيّ مضاعفا، فقال: لقد سألت جسيما، ولكن إن أبصرتني إذا رفعت عنك يكون ما سألت، وإن لم تبصرني لم يكن. وبينما هما يتحدّثان إذ ظهر لهما كالنار فرّق بينهما، ورفع إلياس إلى السّماء وإليسع ينظره، فانصرف وقام في النبوّة مقام إلياس.

وكان رفع إلياس في زمن يهورام بن يهوشافاط، وبين وفاة موسى وبين آخر أيّام يهورام خمس مائة وسبعون سنة، ومدّة نبوّة موسى أربعون سنة. فعلى هذا يكون مدّة عمر إلياس، من حين ولد بمصر إلى أن رفع بالأردن إلى السّماء، ستّ مائة سنة وبضع سنين.

والذي عليه علماء أهل الكتاب، وجماعة من علماء المسلمين، أنّ إلياس حيّ لم يمت. إلاّ أنّهم اختلفوا فيه، فقال: بعضهم إنّه هو فينحاس كما تقدّم ذكره، ومنع هذا جماعة وقالوا: هما اثنان، واللّه أعلم.

كنيسة المصّاصة

هذه الكنيسة يجلّها اليهود، وهي بخطّ المصّاصة من مدينة مصر، ويزعمون أنّها رمّمت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب وموضعها يعرف بدرب الكرمة، وبنيت في سنة خمس عشرة وثلاث مائة للإسكندر، وذلك قبل الملّة الإسلامية بنحو ستّ مائة وإحدى وعشرين سنة، ويزعم اليهود أنّ هذه الكنيسة كانت مجلسا لنبيّ اللّه إلياس (١).


(a) عند ابن البطريق: إليشع بن يوثافاط.
(١) ابن دقماق: الانتصار ١٠٨: ٤، وفيه أنّها كنيسة لليهود القرّائين بالممصوصة بزقاق من أزقّة عرب الكرمة.