للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتى ينزل المطر، ففعلت ما أمرها به، وأقام عندها، فلم ينقص الدّقيق ولا الزّيت بعد ذلك، إلى أن مات ولدها، وجزعت عليه، فسأل إلياس ربّه تعالى فأحيا الولد (١).

وأمره اللّه أن يسير إلى آخاب (a) ملك بني إسرائيل لينزل المطر عند إخباره له بذلك، فسار إليه، وقال له: اجمع بني/ إسرائيل وأبناء بعال. فلمّا اجتمعوا قال لهم إلياس: إلى متى هذا الضّلال؟ إن كان الرّبّ اللّه فاعبدوه، وإن كان بعال هو اللّه، فارجعوا بنا إليه. وقال: ليقرّب كلّ منّا قربانا، فأقرّب أنا للّه، وقرّبوا أنتم لبعال، فمن تقبّل منه قربانه، ونزلت نار من السّماء فأكلته، فإلهه الذي يعبد. فلمّا رضوا بذلك، أحضروا ثورين، واختاروا أحدهما وذبحوه، وصاروا ينادون عليه: يال بعال، يال بعال، وإلياس يسخر بهم ويقول: لو رفعتم أصواتكم قليلا فلعلّ إلهكم نائم أو مشغول. وهم يصرخون ويجرحون أيديهم بالسّكاكين ودماؤهم تسيل، فلمّا أيسوا من أن تنزل النار وتأكل قربانهم، دعا إلياس القوم إلى نفسه، وأقام مذبحا، وذبح ثوره وجعله على المذبح، وصبّ الماء فوقه ثلاث مرّات، وجعل حول المذبح خندقا محفورا. فلم يزل يصبّ الماء فوق اللحم حتى امتلأ الخندق من الماء، وقام يدعو اللّه - عزّ اسمه - وقال في دعائه:

اللهم أظهر لهذه الجماعة أنّك الرّبّ، وأنّي عبدك عامل بأمرك. فأنزل اللّه سبحانه نارا من السّماء أكلت القربان، وحجارة المذبح التي كان فوقها اللحم، وجميع الماء الذي صبّ حوله. فسجد القوم أجمعون، وقالوا: نشهد أنّ الرّبّ اللّه، فقال إلياس: خذوا أنبياء (b) بعال، فأخذوا وجيء بهم، فذبحهم كلّهم ذبحا، وقال لآخاب (a): انزل وكل واشرب، فإنّ المطر نازل، فنزل المطر على ما قال.

وكان الجهد قد اشتدّ، لانقطاع المطر مدّة ثلاث سنين وأشهر، وغزر المطر حتى لم يستطع آخاب (a) أن ينصرف لكثرته، فغضبت سيصيال، امرأة آخاب (a)، لقتل أنبياء (b) بعال، وحلفت بآلهتها لتجعلن روح إلياس عوضهم (٢). ففزع إلياس، وخرج إلى المفاوز وقد اغتمّ غمّا شديدا، فأرسل اللّه إليه ملكا معه خبز ولحم وماء، فأكل وشرب، وقوّاه اللّه حتى مكث بعد هذه الأكلة


(a) بولاق: أحؤب.
(b) بولاق: أبناء.
(١) سعيد بن البطريق: التاريخ المجموع ٥٧: ١، ونشرة Breydy ٢٠.
(٢) نفسه ٥٧: ١ - ٥٨، نفسه ٢١ - ٢٢.