ويقال إنّ بعض الفلاسفة أراد ملك من الملوك قتله، فأعطاه قدحا فيه سمّ ليشربه فأعلمه بذلك، فظهر منه مسرّة وفرح، فقال له ما هذا أيها الحكيم؟ فقال: هل أعجز أن أكون مثل ققنس؟
ذكر اشتقاق مصر ومعناها وتعداد (a) أسمائها
يقال كان اسمها في الدّهر الأوّل قبل الطّوفان «جزلة»(١)، ثم سمّيت «مصر».
وقد اختلف أهل العلم في المعنى الذي من أجله سمّيت هذه الأرض بمصر، فقال قوم:
سمّيت بمصريم بن مركائيل بن دوائيل بن عرياب بن آدم، وهو مصر الأوّل (٢). وقيل: بل سمّيت بمصر الثاني، وهو مصرام بن نقراوس الجبّار ابن مصريم الأوّل، وبه سمّي مصر بن بيصر بن حام بعد الطّوفان (٣). وقيل: بل سمّيت بمصر الثالث، وهو مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وهو اسم أعجمي لا ينصرف؛ وقال آخرون: هي اسم عربيّ مشتقّ.
فأمّا من ذهب إلى أنّ مصر اسم أعجميّ، فإنّه استدلّ بما رواه أهل العلم بالأخبار من نزول مصر بن بيصر بهذه الأرض، وقسمتها بين أولاده فعرفت به (٤).
وذكر الحسن بن أحمد الهمداني (٥) أنّ مصر بن حام هو (b) مصرايم. وقيل: إنّما سمّي بمصر (c)
(a) بولاق: تعدد. (b) بولاق والإكليل: وهو. (c) بولاق: وقيل إن بيصر والمثبت من الإكليل. مسافات المساكن، حققه ب. بولجاكوف، مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد الثامن، القاهرة ١٩٦٢، ٤٩. (١) في النجوم الزاهرة. زجلة من المزجلة. (٢) انظر فيما يلي ٣٥٠. (٣) قارن مع ابن خرداذبة: المسالك والممالك ٨٠؛ القلقشندي: صبح ٣١٤: ٢؛ وكذلك الزبيدي: تاج العروس ٥٤٣: ٣ (ربما نقلا عن المقريزي أو ابن إياس). (٤) ابن إياس: بدائع الزهور ٩: ١/ ١؛ وقارن ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٩، وفيما يلي ٤٢: ١. (٥) أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب بن يوسف الهمداني المعروف بلسان اليمن وبابن الحائك، أحد كبار علماء اليمن كان فقيها ونسّابة ومؤرخا وطبيبا، وكان عارفا بكتابة المسند وضمن كتابه «الإكليل في أنساب حمير وملوكها» - وهو في عشرة مجلدات - جميع تاريخ اليمن القديم، لذلك اعتبره اليمنيون كتاب مجدها وحضارتها وتاريخها وسجل أنسابها وقبائلها وشعوبها. ويقف مصنفه هذا دليلا ساطعا على سعة معارفه حيث أفرغ فيه جماع معارفه بالأنساب والتاريخ والآثار، ولم يكتف بعرض المادة الأسطورية التي تجمعت في الأدب العربي قبل الإسلام بل بذل قصارى جهده ليقف منها موقف الناقد وذلك على ضوء دراسته المباشرة للنقوش التاريخية، واستطاع في كثير من