هذه البركة موضعها الآن فيما بين حدرة ابن قميحة، خلف جامع ابن طولون، وبين الجسر الأعظم (١) الفاصل بين هذه البركة وبركة الفيل. وعليها الآن عدّة آدرّ وتعرف ببركة قراجا، وكان عليها عدّة عمائر جليلة في قديم الزّمان عندما عمّر العسكر والقطائع (٢). فلمّا خربت العسكر والقطائع - كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب - خرب ما كان من الدّور على هذه البركة أيضا حتى إنّه كان من خرج من مصلّى مصر القديم - وموضعه الآن الكوم الذي يطلّ على قبر القاضي بكّار بالقرافة الكبرى - يرى بركتي الفيل وقارون والنّيل.
ولم يزل ما حول هذه البركة خرابا إلى أن حفر الملك النّاصر محمد بن قلاوون البركة النّاصريّة في أراضي الزّهري (٣)، وكانت واقعة الكنائس في سنة إحدى وعشرين وسبع مائة (٤)، فصار جانب هذه البركة الذي يلي خطّ السّبع سقايات مقطع طريق فيه مركز مقيم فيه، من جهة متولّى مصر، من يحرس المارّة من القاهرة إلى مصر.
ولم يكن هناك شيء من الدّور، وإنّما كان هناك بستان بجوار حوض الدّمياطي، الموجود الآن تجاه كوم الأسارى، على يمنة من خرج وسلك من السّبع سقايات إلى قنطرة السّدّ، ويشرف هذا البستان على هذه البركة. فحكر آقبغا عبد الواحد مكانه، وصارت فيه الدّور الموجودة الآن، كما ذكر عند حكر آقبغا في ذكر الأحكار (٥).
قال القضاعي: دار الفيل هي الدّار التي على بركة قارون، ذكر بنو مسكين أنّها من حبس جدّهم (٦). وكان كافور أمير مصر اشتراها وبنى فيها دارا، ذكر أنّه أنفق عليها مائة
(١) فيما يلي ٥٥٢. (٢) بركة قارون، كانت تجاه بركة الفيل، فيما بين حدرة ابن قميحة (وهي الأرض المنحدرة من تلال زينهم فى اتجاه شارع زينهم المتعامد على أوّل شارع زين العابدين) وبين الجسر الأعظم (الذي يدلّ على موضعه الشارع المعروف الآن بشارع عبد المجيد اللّبّان (مراسينا سابقا). ويدلّ على موقع البركة الآن المنطقة الممتدة بين شارع زينهم الجديد جنوبا وشارع سلامة شمالا وشارع الوابور شرقا وحارة الشيخ البغّال وسيدي زينهم غربا، وتقع إلى الشرق منها الأرض المعروفة الآن بحوش أيّوب بك أمام الساقية الأثرية. (محمد رمزي: مذكرة في تسمية الشوارع والطرق ١٣؛ Salmon، G.، Etudes Sur la topographie du Caire، pp. ٣٥ - ٣٩؛ محمد الششتاوي: متنزهات القاهرة ١٠١ - ١٠٢). (٣) فيما يلي ٥٤٩. (٤) فيما يلي ٥١٢: ٢ - ٥١٧. (٥) فيما تقدم ٣٨٥. (٦) ابن دقماق: الانتصار ١٢٥: ٤.